الظلام المضيء
قلت مهلا يا صاحبي ظلمات
الليل في عين حالم أضواء
نعم، إذا أردت أن ترى الظلام ضياء، والضياء ظلاما، فاذهب، بأوسع خطاك، إلى مفسري الأحلام، من ابن سيرين في القرن السابع الميلادي الى فرويد في القرن العشرين، أما هؤلاء الذين يتقافزون كالأرانب السوداء في الفضائيات، فهم زمرة كذبة، يمتهنون التضليل للاستسقاء.
لا تشغل ذهنك بتفسير فرويد للأحلام فهو طويل القامة، واسع الظل، عريض المنكبين، عبل الذراعين، بل اذهب إلى ابن سيرين، فهناك سترى الكوميديا البشرية المتناسلة من «رسالة الغفران» للمعري، ومن «الكوميديا الالهية» لدانتي، وإن كانت ولادتها تسبقهما بقرون.
رؤيا الكاتب والكتابة عند ابن سيرين تضع كُتابنا بين خيارين: إما أن يكفوا عن الكتابة، وإما أن يغطوا وجوههم حين يمشون في الشارع، فرؤيا الكاتب عنده تدل على الرجل المحتال، والكتابة تعني الحيلة، أما القارئ فيحتاج الى النصح لأنه مغفل.
كان سؤالي على رأي ابن سيرين هذا بطول شنق بن عنق، سألت:
ووقفت حتى لج من سغب
نضوي وضج بعذلي الركب
وتلفتت عيني ومذ خفيت
عني «الحروف» تلفت القلب
انت لن تجادل في ان بعض الكتاب يتخذ من الدجل واخواته، سلمًا، مثل اولئك المفسرين للأحلام في الفضائيات، طلبا للاستسقاء. فأنت تقرأ كلاما «عليه الشحم».
ولكني أسمعك تقول: «أ وما له» عندما يتخذ الرجل من الكتابة سلما، لماذا نعتبره محتالا يا ابن سيرين؟! إنه واقعي، صديق وليم جيمي، وجون ديوي، أما قول شوقي بزيع:
«الكتابة ليست سوى امرأة
لا تريد اقل من الموت مهرا لها
فاخسر العيش كي تربح الكلمات»
«فبلله واشرب ميته» ف:
الواقعية أن تقودك ظامئا
للماء، لا للركض خلف سراب
مواضيع ذات علاقة
حسن السبع
السحيمي: المثقف السعودي تجده حيث قفز «فيليكس»
هرطقة
عبدالله بن بخيت: نقاد «هوامير الصحراء» أغبياء والمسلسل الأفضل في الدراما السعودية