اعلان ترامب.. ومائة يوم
بالرغم من مرور 100 يوم، على اعتراف الرئيس الامريكي ترامب، بالقدس عاصمة لإسرائيل، فان موجة الاحتجاجات الفلسطينية، على القرار الامريكي، ما تزال مستمرة في جميع الاراضي المحتلة، الامر الذي يعطي دلالة على وجود حرب الإرادات، بين جميع الاطراف، فالادارة الامريكية تراهن على الزمن، لإطفاء شعلة الغضب، التي أشعلها اعلان ترامب في السادس من ديسمبر الماضي، القدس عاصمة لإسرائيل.
اصرار البيت الابيض على المضي قدما، في خطوة نقل السفارة الامريكية الى القدس، واعتزام ترامب المشاركة في حفل الافتتاح بمايو القادم، يقابله رفضا جماعيا من الشعب الفلسطيني، والقوى السياسية، الامر الذي دفع السلطة الفلسطينية، لرفض جميع الضغوط، التي تمارسها الاطراف العالمية، للعودة لطاولة المفاوضات، وكذلك قرا ها باعتبار الادارة الامريكية وسيط غير محايد، نظرا لاتخاذ خطوة تتناقض مع القرارات الدولية، التي تعتبر القدس الشرقية عاصمة الدولة الفلسطينية.
حالة الانقسام الفلسطيني بين السلطة الفلسطينية وحماس، تمثل نقطة ضعف تتحرك اسرائيل بتكريسها، وتعميقها، للحيلولة دون الاتفاق على مواقف موحدة تجاه الممارسات الإسرائيلية، فالحكومة الإسرائيلية تتحرك للاستفادة من الانقسام الفلسطيني، في مختلف التحركات، وبالتالي فانها تعمد لإخماد كافة الجهود الساعية، لإنهاء الخلافات بشتى الوسائل.
الظروف السياسية الراهنة، تسير بعكس إرادة الشعب الفلسطيني، نتيجة وجود ادارة أمريكية يمينة مساند لإسرائيل بقوة، الامر الذي يشكل تحديا قويا لدى السلطة الفلسطينية، في الصمود امام الضغوط السياسية، للقبول بالأمر الواقع، خصوصا وان ادارة ترامب ليست في وارد التراجع عن القرار، اذ تعتبر قرار نقل السفارة الامريكية للقدس، جزء أساسيا من الحل السياسي، وبالتالي فان الخطوة الامريكية ليست تكتيكية، بقدر ما تمثل خيارا استراتيجيا، في التعاطي مع قضية الشرق الأوسط.
الأوضاع السياسية التي تشهدها العواصم العربية، وانتشار الفوضى الامنية، وغياب الاستقرار السياسي، في بعض البلدان وكذلك تنامي التطرّف في بعض البلدان العربية، تشكل عناصر ضاغطة على السلطة الفلسطينية، وتصب في مصلحة اسرائيل، في تسريع فرض الامر الواقع، لإعلان القدس عاصمة لدولة الاحتلال، بمعنى اخر، فان التعويل على قدرة الدول العربية، في الضغط على واشنطن، للتراجع عن قرار نقل السفارة، الى القدس امر غير ممكن، نظرا لانشغال غالبية الدول العربية، بمشاكلها الداخلية، وعدم التفرغ للملف الفلسطيني، بخلاف العقود الماضية، التي سبقت مرحلة ”الربيع العربي“، التي خلقت واقعا بائسا في الوطن العربي.
الموت السريري للجامعة العربية، وإخفاقها في اتخاذ مواقف سياسية قوية، تجاه قرار الادارة الامريكية، ساهم بدوره في اصرار واشنطن، على التمسك بقرار الاعتراف، بالقدس عاصمة للاحتلال، فالبيت الابيض يدرك الوضع البائس للجامعة العربية، خلال السنوات الاخيرة، الامر الذي يحول دون قدرتها، على اتخاذ مواقف موحدة، فضلا عن تأثيرها السياسي على الساحة العالمية.