آخر تحديث: 19 / 5 / 2024م - 11:30 م

الملك يُحارب الفساد: ثلاث خطوات

الدكتور إحسان علي بوحليقة * صحيفة مال الالكترونية

طبقاً لوكالة ”يوكتاد“ فإن حصيلة الاستثمار الأجنبي المباشر عالمياً للعام 2017 تجاوزت 1,5 ترليون دولار، منها 570 مليار ذهبت لمشاريع جديدة. ويلاحظ تراجع الحصيلة عن مستوى 1,8 ترليون دولار الذي تحقق في العام 2016، إلا أن التدفق على الدول النامية لم يشهد تغييراً ملحوظاً في العام 2017، بل استقر عند نحو 650 مليار دولار. وتتصدر الولايات المتحدة قائمة الدول المتلقية للاستثمارات الأجنبية المباشرة، ثم الصين، وحلت الهند في المرتبة العاشرة بحصيلة 45 مليار دولار، ولم تخرج سنغافورة الصغيرة مساحةً الكبيرة اقتصاداً وتقنيةً من القائمة، فقد حلت تاسعة بحصيلة 50 مليار دولار.

وفيما يخص المملكة، فإن وتيرة تدفق الاستثمار الأجنبي المباشر تراجعت في العام 2016 إلى 7,4 مليار دولار من 8,1 مليار دولار في العام 2015. وتقدر ”يوكتاد“ إجمالي قيمة الاستثمار الأجنبي في المملكة بنحو 230 مليار دولار حتى نهاية 2016، أي ما يوازي 36 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي، أما التدفق السنوي حالياً فهو دون الطلعات، وبعيد عن 5,7% من الناتج المحلي الإجمالي الذي تستهدفه ”الرؤية السعودية 2030“.

ووفقاً لتدفقات العام 2015، يأتي المستثمرون الأمريكان بالمرتبة الأولى من حيث قيمة الاستثمار، ثم من الكويت ففرنسا فاليابان فالأمارات فالصين فألمانيا فالبحرين فبريطانيا فهولندا. وفيما يخص الأنشطة الاقتصادية، فالمقاولات كانت تقليدياً تحل أولاً ثم العقار ثم الصناعات الكيماوية والبتروكيماوية ثم النقل والتخزين والاتصالات.

والأدبيات الاقتصادية المعتبرة تحذر دونما استثناء من التأثير السلبي لتفشي الفساد على تدفق الاستثمارات المباشرة، ولطالما كان أمراً محيراً للباحثين تعايش النمو الاقتصادي العالي في الصين جنباً إلى جنب مع تفشي الفساد على أعلى مستوى، لكن اكتشفت أخيراً «العام 2012» أن الأمر لا يمكن أن يستمر، إذ أخذ الفساد ينخر في جنبات النظام الاقتصادي - الاجتماعي بل وحتى السياسي، مما أضطر الرئيس ”شي جين بنغ“ وشن حملة على ”النمور والذباب“ حسب تعبيره، أي رؤوس الفساد وأتباعهم.

وفي المملكة، وسط مخاض إنجاز رؤية 2030 التي تسعى لإعادة صياغة الاقتصاد الوطني لاقتصاد منتج يقوم على توليد القيمة، فقد شهدت البلاد حملة غير مسبوقة لمكافحة الفساد عندما أصدر خادم الحرمين الشريفين أمراً ملكياً في 4 نوفمبر 2017 بإنشاء لجنة عليا برئاسة سمو ولي العهد، التي باشرت عملها عشية اليوم الذي تأسست فيه، ليعلن فيما بعد أن حصيلة الخزانة العامة للدولة نظير التسويات تجاوزت 400 مليار ريال وتحفظ على 56 شخصاً. وتبع ذلك بداية هذا الأسبوع، صدور موافقة الملك سلمان بن عبدالعزيز على استحداث دوائر متخصصة لقضايا الفساد في النيابة العامة، تقوم بالتحقيق والادعاء في قضايا الفساد وترتبط بالنائب العام مباشرة.

وفي خطوة لتحصين التدفقات الاستثمارية للقطاع الخاص المحلي والأجنبي المتوقع أن تجد طريقها للمساهمة في برنامج التحول الوطني، وبرنامج الخصخصة المتفرع عنه، فسيرعى الملك - يحفظه الله - مؤتمراً تنظمة ”نزاهة“ في شهر أبريل القادم حول حماية النزاهة ومكافحة الفساد في برامج الخصخصة.

كاتب ومستشار اقتصادي، رئيس مركز جواثا الاستشاري لتطوير الأعمال، عضو سابق في مجلس الشورى