الشيطنة والعقل
روى الشيخ الكليني عن أحمد بن إدريس، عن محمد بن عبدالجبار، عن بعض أصحابنا رفعه إلى أبي عبدالله قال: قلت له: ما العقل؟ قال: ما عبد به الرحمن واكتسب به الجنان قال: قلت: فالذي كان في معاوية؟ فقال: تلك النكراء! تلك الشيطنة، وهي شبيهة بالعقل، وليست بالعقل.
يعتقد الكثيرون ان النجاح في خداع الاخرين ذكاء ودليل على قوة العقل بينما يشير الامام الصادق كما في الرواية الى ان العقل ليس بذلك بل هي الشيطنة.
في خطبة الجمعة للشيخ حسن الصفار بتاريخ 2/3/2018م والتي كانت بعنوان ”اختلاق الاعذار“ جاء من ضمن حديثه مقولة انك لا تستطيع خداع كل الناس كل الوقت بل تستطيع خداع بعض الناس بعض الوقت.
مشكلة بعض الناس هي اعتقاده بأنه يمتلك الذكاء - الشيطنة - وهي ملكة - بفتح اللام والكاف - تمكنه من خداع الاخرين وجعلهم يصدقونه طوال الوقت دون ان ينكشف امركذبه ولو - وذلك قليل الحدوث حسب اعتقاده ايضا - انكشف امره فبامكانه اللف والدوران والتبرير والخروج منها دون خسائر او باقل خسائر ممكنة.
وفعلا لو كان يحتمل ان امره سيكشف بسهولة او بمرور الوقت لما استمرأ الكذب والخداع ولو كان يحتمل تعرضه لعقوبة دنيوية لما امن جانبه ولو كان يحتمل عقوبة اخروية لما استرسل في كذبه.
ان غرور الانسان واعتقاده انه على كل شيء قدير هو ما يجعله يستسهل خداع الاخرين والكذب عليهم.
اذا استمرا الانسان الكذب اصبح بمرور الوقت صفة ملازمة لشخصيته وسلوكه فربما يكذب في البداية لتمرير امر ما او الخروج من مأزق وقع به لكنه يستمر معه ويطور اساليبه ويتفنن بها فبدل ان يصبح استثنائيا يصبح دائما وبدل ان يكون رد فعل يكون فعلا مخططا له.
أرأيت رجال الجمارك كيف يقرؤون من خلال طريقة كلام الشخص ولغة جسمه ان كان مرتبكا او يخفي شيئا حيث درسوا اساليب التعامل مع امثال هؤلاء فكذلك البشر المخدوعون ربما يخدعون لمرة او اكثر لكنهم لا محالة سيكتشفون الحقيقة ويتعاملون مع الكاذب بما يتناسب معه.