آخر تحديث: 24 / 11 / 2024م - 9:28 م

التثاقف..

محمد أحمد التاروتي *

يحاول البعض الدخول من بوابة العبارات الرنانة، والمفردات الضخمة، الى عالم الثقافة، والقفز على المراحل الطبيعية، للدخول في نادي ”التفكير“، اذ يقوم باقتباس بعض المصطلحات العميقة، وتوظيفها بطريقة فجة، وغير واعية، الامر الذي يسهم في اكتشاف ضحالة فكره، وعدم قدرته على الانخراط، في مجتمع النخب الثقافية، بمعنى اخر، فان محاولة الولوج في نادي النخب الثقافية، لا يستدعي استخدام العبارات ”الفخيمة“، او بعض المصطلحات الصعبة، فالعملية مرتبطة بالقدرة على التوظيف السليم، للافكار باسلوب مبسط، وغير معقدة، لاسيما وان المتلقي لا يحتاج للعبارات الصعبة، لابداء الاعجاب بعض الافكار، والابداعات الفكرية، كما ان النخب الثقافية، لا تنظر الى الكلمات، وانما تركز على الانتاج، والقدرة على الابداع.

ان محاولة التثاقف، عبر اختيار العبارات الصعبة، او الدخول في ”المحرمات“، دون وعي او ادراك بالالغام، التي تعترض طريق، هذه النوعية من الطرق، يعطي دلالة على الافتقار للقدرة، على القراءة الدقيقة، فضلا عن القصور في الوعي، بتفادي الاصطدام المباشر، مع بعض الثوابت العقدية، والاجتماعية، فاقتحام ”المحظورات“ لا يعكس الشجاعة، في بعض الاحيان، بقدر ما يكشف عن انعدام، في القدرة على الاختيار المناسب، للظرف المكاني والزماني، فالمثقف الواعي يدرك خطورة الولوج، في بعض ”المحرمات“ الاجتماعية، باعتبارها من الخطوط الحمراء، التي تستوجب التفكير العميق، قبل اتخاذ القرار للاقدام او العزوف.

الدخول في نادي ”الثقافة“، يتطلب توفير بعض المقدمات، باعتبارها الخطوات الاساسية، لتوفير المرتكزات في ترسيخ الاقدام، في عالم النخب الثقافية، بمعنى اخر، فان محاولة الظهور بمظهر ”المفكر“، بشكل مفاجئ، يخلق ردات فعل عنيفة، خصوصا وان البعض لا يحسن الاختيار، ويعمد لاطلاق بعض الافكار الصادمة، دون القدرة على الدفاع عنها، او محاولة البحث، عن مدلولات تلك الافكار، مما يضعه «البعض» في زاوية حادة، يصعب الخروج منها، لاسيما وان البعض يقوم باقتباس بعض الافكار، او محاولة مجاراة الاخر، سواء بوعي او بدون وعي، مما يشكل معضلة كبرى، في المنظومة الفكرية، تبرز في النهاية، على شكل انحرافات كبرى، يصعب تصويبها، خصوصا وان الانحراف يبدأ بخطوة خاطئة، سرعان ما تتسع دائرتها.

خطورة الانخراط في عالم الثقافة، من قبل ”المتطفلين“ تكمن في ضياع البوصلة، في الاتجاه الصائب، لاسيما وان الافتقار للمقدمات، يقود الى النتائج المأسوية، فالبعض لا يدرك خطورة الدعوات، التي يطلقها دون وعي، اذ يحاول ابزار العضلات، على شكل مفردات ”مختارة“، من هناك وهناك، فيما يصعب عليه وضع النقاط على الحروف، في مواضع اخرى اقل شأنا، من الدعوات التي يطلقها، في المناسبات الاخرى، الامر الذي يعري المستوى الفكري، الذي يمتلكه ويكشف انعدام القدرة على التصويب، نحو الهدف بدقة متناهية، بمعنى اخر، فان التحرك باتجاه التثاقف على حساب بناء الذات، بشكل ثابت يولد كوارث، على الصعيد الشخصي، والاجتماعي، واحيانا على الصعيد الديني، لاسيما وان البعض يحاول اقتحام الثوابت العقدية، عبر مصطلحات رنانة، تحمل في طياتها انزلاقات خطيرة، على بنية التفكير الاجتماعي.

كاتب صحفي