آخر تحديث: 24 / 11 / 2024م - 9:28 م

روسيا.. استعراض القوة

محمد أحمد التاروتي *

اثار خطاب الرئيس الروسي بوتين الاخير، الكثير من الردود على الصعيد الدولي، بحيث ترددت أصداؤه على مختلف العواصم الغربية، نظرا للنبرة العالية التي حملها الخطاب، والرسائل المختلفة للعديد من العواصم العالمية، اذ جاء الرد سريعا من الادارة الامريكية على الخطاب، لاسيما وان الخطاب كشف عن تعاظم القوة العسكرية لموسكو، بالنسبة للاسلحة التقليدية او الأسلحة الاستراتيجية، الامر الذي يؤسس لمرحلة جديدة، من الصراع بين للقوى الكبرى، وبدء حرب شرسة، على غرار الحرب الباردة، بين المعسكر الغربي والشرقي، إبان الاتحاد السيوفياتي السابق.

التهديد الذي حمله خطاب بوتين، بشأن الرد على الاعتداء بالاسلحة التقليدية، او النووية، سواء على روسيا او اصدقائها، يمثل تحولا استراتيجيا في التعاطي، مع الخلافات القائمة، بين واشنطن وموسكو، بشأن الكثير من الأزمات العالمية، فالشعور بالقوة لدى روسيا وقدرتها، على الوقوف في وجه أمريكا، وعدم السماح لها بالاستفراد بالساحة الدولية، شكل احد العوامل الاساسية، التي دفعت بوتين لمفاجأة العالم، بالخطاب التاريخي الاخير، وبالتالي فان المرحلة القادمة، ستكون اكثر سخونة، بخصوص العديد من الأزمات العالمية، مما يمهد للعودة للقطبية العالمية، التي سادت خلال القرن الماضي، بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية.

شكلت الأزمة السورية، والدخول المباشر من قبل واشنطن وموسكو، احد العوامل الاساسية، في تفاقم الصراع بين الطرفين، خصوصا وان صراع النفوذ بين الدولتين، برز بشكل جلي في مجلس الامن، خلال السنوات الماضية، اذ استطاعت موسكو تعطيل الكثير، من القرارات الاممية جراء استخدام الفيتو، في وجه جميع القرارات، الموجهة ضد دمشق، الامر الذي يكشف الاختلاف الكبير، في المصالح بين الطرفين، بمعنى اخر، فان نجاح موسكو في مساعدة دمشق، في حربها ضد المعارضة، واستعادة الكثير من المناطق، التي كانت تسيطر عليها، ساهم كثيرا في تعاظم القوى العسكرية، والسياسية الروسية في المنطقة، بحيث أضحت لاعبا أساسيا، في الأزمة السورية، وكذلك حضورها القوى، في مختلف الأزمات العالمية.

مستقبل الصراع الروسي - الامريكي، مرشح لمزيد من الاتساع، على ضوء المعطيات الحالية، ومحاولة كل طرف تحقيق المزيد، من المكاسب السياسية، على حساب الطرف الاخر، فالولايات المتحدة تسعى لكبح جماح روسيا، من خلال فرض المزيد من العقوبات الاقتصادية، فيما تلوح روسيا بالقوة العسكرية، لاجبار واشنطن على التراجع عن العقوبات الاقتصادية، خصوصا وان الاقتصاد الروسي يواجه مصاعب كبيرة، جراء العقوبات المفروضة، عليه من الغرب على خلفية الأزمة الاوكرانية، فضلا عن المشاكل الاقتصاد الناجمة، عن انخفاض أسعار النفط منذ عام 2014.

يحاول الرئيس بوتين استخدام القوة العسكرية، للضغط على الادارة الامريكية، لتقديم تنازلات في ملف عديدة في العالم، فالتهديد باستخدام السلاح النووي، عند التعرض للاعتداء بالسلاح التقليدي اوالنووي، يعطي دلالة على مدى استخدام القوة، في سبيل تحقيق بعض المكاسب السياسية.

كاتب صحفي