آخر تحديث: 24 / 11 / 2024م - 9:28 م

كيف تُحارب المبادرات الإدارية الحديثة؟

أمين محمد الصفار *

أصبحت بعض الأجهزة الحكومية وبعض مؤسسات القطاع الخاص تستعرض وتتباهى بوجود إدارة الجودة ضمن هيكلها التنظيمي، ويحق لأي جهة أن تتباهى بذلك، لأن وجود إدارة للجودة في أي منظمة يعطي انطباع أن هذه المنظمة تدير أعمالها وفق رؤية ومعايير قياسية رفيعة.

كذلك وفي نفس السياق أصبحت هذه المنظمات تطعم هيكلها ببعض الإدارات مثل: إدارة الإبداع، إدارة المبادرات، إدارة المستقبل أو إدارة المسؤولية الاجتماعية، التي تعكس مفاهيم وقيم عالية تعبر عن التوجهات والقيم الحديثة التي تتناغم مع أفضل الممارسات الأدارية على المستوى الإقليمي والدولي.

أما من حيث المضمون، نشاهد في بيئتنا المحلية على مستوى المملكة إساءة كبيرة من بعض هذه المنظمات التي تأخذ العنوان وتتجاهل أو تشوه المحتوى من خلال الفشل «بقصد أو بدونه» في تطبيق ما ادعت تبنيه من خلال فقط إضافة هذه القيم كمسميات في هياكلها التنظيمية دون إرادة حقيقية.

ومن أبرز أساليب تلك الممارسات الخاطئة إضافة مسمى الجودة لمسمى إحدى الإدارات القائمة فعلاً، لكن دون أي تغيير في الأطر أو الفلسفة الإدارية لتلك الإدارة، فلا تكاد ترى أي انعكاس ملموس للجودة على الأداء، فلا تعدو أن تكون مجرد عملية إلصاق اسم الجودة على إسم إدارة معينة فقط.

الأسلوب الآخر هو استحداث إدارة جديدة باسم الجودة أو بأي اسم آخر ذا مدلول معين مما ذكرناه أعلاه، وتعيين مدير لكنه لا يحظى بدعم الإدارة العليا، فيكون الهدف العملي من إنشاء هذه الإدارة هو الاحتفاظ بصورة «سيلفي» استعراضي يثبت ان هذه الإدارة جزء من الهيكل التنظيمي للمنشأة، وأحياناً يمتد الهدف ليكون أداة ناعمة لتجميد الموظف الذي لا يتوافق مع مزاج الإدارة العليا.

هناك أيضا اسلوب آخر، وعادة ما يكون نتيجة خطأ إداري غير مقصود، حيث يتم تعيين مدير هكذا إدارة بناء على نجاحات حققها في عمل روتيني يومي، ثم يتم ترقيته لهذه الوظيفة التي تعتمد بشكل شبه كلي على العمل الإبداعي ذا النمط الابتكارية وليس العمل الروتيني، فيحقق هذا المدير في منصبه الجديد فشلاً ذريعًا وذلك لعدم قدرته علي فهم متطلبات المهام الجديدة المختلفة كليًا عما ألفه من مهام في الوظائف التي شغلها سابقاً نجح فيها.

أن فهم واستشعار مثل هذه الممارسات الخاطئة هو الخطوة الأولى في محاربة هذه الممارسات التي تقتل كل المحاولات الحثيثة والصادقة للخروج من دوامة الإدارة التقليدية التي تقف بالضد لكل التطبيقات الحديثة التي تواكب تطور لغة ونمط منظومة الفكري الإداري الحديث.