هل نحن نتبع الأباء والأجداد في انتماءنا لمدرسة أهل البيت (ع)؟
سؤال: جاء على خلفية مقطع أُرسل مضمونه هناك بنات يسألن آبائهن لو كنت مكان الأمام الحسين وهو يودع أبنته سكينه ما أخر وصية تقدمها لي؟
فكانت إجابات الأباء متفاوتة لكن كان مضمونها متقارب يدور حول المحافظة على الحجاب والعفة وطلب رضوان الله سبحانه وتحمل الأمانة والمسؤولية
فعلق أحد الأخوة الدارسين في الغرب بالقول على إجابات الأباء بقوله
لم أرى احد الأباء يرغّب أبنته في طلب العلم؟
فأجبته بما يلي:
وهل وصايا الأباء النابعة عن حب وذوبان في بناتهم مبنية على غير علم؟ ألم يقل بعضهم حافظوا على عفتكن وحجابكن لماذا؟ فلو كان يقصد أن تجلس في البيت لما حرص على عفتهن فكأنه يقول واصلوا العلم في أعلى درجاته ولكن في إطار العفة والحشمة والحجاب كما أشار بعضهم وهو يحدث أبنته ستكونين طبيبة لترفعي الألآم عن المرضى أليس هذا حث على العلم! ثم سياق السؤال له وقع خاص في القلب وهو لو كنت يا أبي مكان الحسين في اللحظات الأخيرة وهو يودع ابنته سكينه ماهي أهم وصية تقدمها في هذه اللحظات؟
هذا السؤال يحمل في طياته آهات وآلام وأنات فهي تلامس أقصى نقطه في مناطق الشعور بالإنسانية فلو رُتبت الأولويات من حيث الأهمية سيكون على رأس كل شيء هو رضوان الله سبحانه وتعالى ولا يكون رضاه إلا بإتباع ما أمر به والنهي عم نهى سبحانه والطمع فيما يبقى والزهد فيما يبلى والتركيز لما هو أجلى للإيمان والتقوى فإذا تأمّنَ هذا الطريق يأتي بعدها ما يكون معين لهذه الأهمية فإذا كان العلم هدفه تنفيذ أوامر الله في مساعدة المحتاجين وإعانة الضعفاء ورفع الجهل وإشعال فتيل العلم تحت الرغبة في القربى لله سبحانه وإعطاء صورة مشرقة عن المذهب والدين كما حث عليه في الأثر حيث روي عن النبي الأعظم ﷺ وسلّم «طلب العلم فريضة على كل مسلم» [1] وروى عنه صلوات الله عليه «أطلب العلم من المهد إلى اللحد».
كما روي عن ا الصادق وعنده نفر من الشيعة وهو يقول: معاشر الشيعة!.. كونوا لنا زيناً ولا تكونوا علينا شيناً، قولوا للناس حسناً، واحفظوا ألسنتكم وكفّوها عن الفضول، وقُبح القول» [2] وقال «أَوْصِنَا يَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ؟
فَقَالَ: «أُوصِيكُمْ بِتَقْوَى اللَّهِ، وَ الْعَمَلِ بِطَاعَتِهِ، وَ اجْتِنَابِ مَعَاصِيهِ، وَ أَدَاءِ الْأَمَانَةِ لِمَنِ ائْتَمَنَكُمْ، وَ حُسْنِ الصَّحَابَةِ لِمَنْ صَحِبْتُمُوهُ، وَ أَنْ تَكُونُوا لَنَا دُعَاةً صَامِتِينَ».
فَقَالُوا: يَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ، وَ كَيْفَ نَدْعُو إِلَيْكُمْ وَ نَحْنُ صُمُوتٌ؟
قَالَ: "تَعْمَلُونَ مَا أَمَرْنَاكُمْ بِهِ مِنَ الْعَمَلِ بِطَاعَةِ اللَّهِ، وَ تَتَنَاهَوْنَ عَمَّا نَهَيْنَاكُمْ عَنْهُ مِنِ ارْتِكَابِ مَحَارِمِ اللَّهِ، وَ تُعَامِلُونَ النَّاسَ بِالصِّدْقِ وَ الْعَدْلِ، وَ تُؤَدُّونَ الْأَمَانَةَ، وَ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ، وَ تَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ، لَا يَطَّلِعُ النَّاسُ مِنْكُمْ إِلَّا عَلَى خَيْرٍ، فَإِذَا رَأَوْا مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ قَالُوا هَؤُلَاءِ الْفُلَانِيَّةُ، رَحِمَ اللَّهُ فُلَاناً، مَا كَانَ أَحْسَنَ مَا يُؤَدِّبُ أَصْحَابَهُ، وَ عَلِمُوا فَضْلَ مَا كَانَ عِنْدَنَا فَسَارَعُوا إِلَيْهِ.» [3]
وكما ورد في نهج البلاغة «أَوَّلُ الدِّينِ مَعْرِفَتُهُ، وَ كَمَالُ مَعْرِفَتِهِ التَّصْدِيقُ بِهِ، وَ كَمَالُ التَّصْدِيقِ بِهِ تَوْحِيدُهُ، وَ كَمَالُ تَوْحِيدِهِ الْإِخْلَاصُ لَهُ، وَ كَمَالُ الْإِخْلَاصِ لَهُ نَفْيُ الصِّفَاتِ عَنْهُ» [4]
إشارة إلى العلم وليس اتباع ملة الأباء
فقال: هذا ليس تأويل بال هذا ما ظهر من المقطع وبماذا نفرق عن الملل والنحل الثانية؟ هل أحد منا درس علوم الملل والنحل الثانية وتبين له ان الدين الإسلامي ومذهب اهل البيت هو الصحيح؟
فقلت له: نعم وكثير هم ومن أولهم سلمان المحمدي رضوان الله عليه حين انتقل من دين إلى دين حتى وصل إلى سيد الخلق محمد ﷺ فأمن وصدق به وصار حتى قالت فَاطِمَةُ «عَلَيْهَا السَّلَامُ» ثُمَّ قَالَتْ: «يَا فِضَّةُ، قُولِي لِسَلْمَانَ يَدْخُلُ، فَإِنَّ سَلْمَانَ مِنَّا أَهْلَ الْبَيْتِ وَ رَبِّ الْكَعْبَةِ» [5]
ثم حصل اشتباه كبير عندك فلم يتكلم الأباء عن عاطفه صرفه بل تكلموا عن معرفه بمنهج الحسين كيف لا.؟ وكان شعار الحسين «إِنّى لَمْ أَخْرُجْ أَشِرًا وَلا بَطَرًا، وَلا مُفْسِدًا وَلا ظالِمًا، وَإِنَّما خَرَجْتُ لِطَلَبِ الإصْلاحِ في أُمَّةِ جَدّي، أُريدُ أَنْ آمُرَ بِالْمَعْرُوفِ وَأَنْهى عَنِ الْمُنْكَرِ، وَأَسيرَ بِسيرَةِ جَدّي وَأَبي عَلِيّ بْنِ أَبي طالِب» [6] الحسين . فمن كانت خلفيتة الثقافية عن أمامه الحسين ستكون كلماته مبنية عليها.