مجلس الامن.. تسجيل مواقف
اصبح مجلس الامن الدولي، منبرا للمناكفات السياسية، ومحاولة تسجيل نقاط، على حساب الدول الاخرى، فالأعضاء الدائمون في المجلس، يستغلون المنظمة الدولية، لتمرير أهداف سياسية، على حساب معاناة، وعذابات الشعوب، التي تكابد ويلات الحروب، اذ تمثل المصالح السياسية المحرك الأساس وراء التحرك، لاصدار القرارات الدولية، فالدول الدائمة تستغل المنبر الاعلامي الدولي، لتوسيع رقعة النفوذ السياسي على حساب الاخرين، الامر الذي يفسر ارتفاع منسوب حماية المدنيين، في نزاعات وتجاهلها في حروب اخرى.
الحفاظ على الامن والسلم الدوليين، شعارات ترفعها الدول الدائمة، في مجلس الامن بشكل دائم، بيد ان هذه العبارات تتكرر، عندما لا تتعارض النزاعات مع مصالحها السياسية والعسكرية، اذ تكون ليست ذات معنى على الاطلاق، بمجرد معارضتها مع سياستها، الامر الذي يدفعها لتعطيل القرارات الدولية، سواء من خلال الاصرار على اجراء تعديلات، على نص مشروع القرارات، او استخدام حق الفيتو، مما يحول دون السير قدما في التصويت، على تلك القرارات المتعلقة بالعديد، من الأزمات العالمية.
لا يجد المرء صعوبة في استقصاء، عدد مرات استخدام ”الفيتو“، من الأعضاء الدائمين في مجلس الامن، فالمناكفات السياسية اثناء الحرب الباردة، بين الاتحاد السوفياتي السابق والولايات المتحدة، ساهمت في تعطيل الكثير من القرارات الاممية، لاسيما وان الدول الكبرى ساهمت، في إشعال الكثير من الحروب، من خلال غزو بعض البلدان، اذ قام الاتحاد السوفياتي بغزو فغانستان، في ثمانينات القرن الماضي، كما شنت الولايات المتحدة حروبا في أمريكا اللاتينية، وكذلك غزو العراق في عام 2003، الامر الذي ساهم في سقوط مئات الضحايا الأبرياء، في تلك البلدان، فضلا عن تدمير اقتصاديات تلك الدول.
بات منبر مجلس الامن الدولي، وسيلة لاتخاذ المواقف المتبادلة، بين الأعضاء الدائمين، فكل دولة تنظر الى الأزمات، من زاوية المصالح السياسية، والنفوذ العسكري والأغراض الاقتصادية، وبالتالي فان الحديث عن المبادئ الانسانية، وحفظ الاستقرار لا يعدو كونه عبارات تستخدم للاستهلاك، ومحاولة الظهور بمظهر المدافع، عن حماية ارواح الأبرياء، فيما تمارس تلك الدول الكبرى، جرائم فظيعة في البلدان التي تغزوها، اذ عمد الاتحاد السوفياتي السابق، للتنكيل بالشعب الافغاني طيلة سنوات الغزو، كما ان الولايات المتحدة، انتهجت مسلكا لا يقل إجراما في فيتنام، وغيرها من البلدان الاخرى، الامر الذي يعري تلك العبارات الجوفاء، التي يتغنى بها الجميع امام شاشات التلفاز، في جلسات مجلس الامن.
اختفاء المناكفات السياسية، واستخدام مجلس الامن، لتمرير المواقف السياسية بمختلف الأزمات العالمية، امر مستبعد وغير وارد على الاطلاق، خصوصا وان الاعضاء الخمسة، يعرفون تماما فنون اللعبة السياسية، والخطوط الحمراء، لكل عضو من الاعضاء، نظرا لإدراك الجميع خارطة النفوذ السياسي، والاقتصادي، والعسكري، على الصعيد العالمي، لكل دولة من الدول دائمة العضوية، الامر الذي يفسر الاختلافات الكبيرة، بين بعض الاعضاء في العديد، من الأزمات الدولية، بيد ان القرارات التي تتخذ بالإجماع، تحصل نتيجة تقديم بعض التنازلات، للاطراف الرافضة، لصيغة مشروع القرار، تفاديا لاستخدام الفيتو وتعطيل القرار.