آخر تحديث: 24 / 11 / 2024م - 9:28 م

المشكلات المجّمعة لسوق العمل

أمين محمد الصفار *

أثار قرار تفعيل الفاتورة المجمعة الذي أقرته وزارة العمل الكثير من ردود الأفعال على مختلف الصعد ومن مختلف الجهات. كما حفلت الصحافة ووسائل التواصل مختلف الآراء المؤيدة والمعارضة لهذه الفاتورة. نظر البعض لهذه الفاتورة كما هو موقف الوزارة باعتبارها أداة لتصحيح سوق العمل - على أقل تقدير - من التشوهات التي تكتنفه وتسيطر عليه منذ زمن بعيد، فيما رأى أخرون أن هذه الفاتورة هي أداة لهدم المؤسسات متناهية الصغر والصغيرة والشركات المتوسطة تحديدا والتي لا طاقة لها بتحمل عبئ فاتورة إصلاح سوق العمل بهذه السرعة والطريقة، فضلاً ومضافا إليه إصلاح التشوهات الاقتصادية في مرحلة التحول الجريئة التي تشهدها بلادنا.

لوزارة العمل الحق بالقلق جراء الأرقام التي لديها عن عدد الباحثين عن العمل وإعداد غير السعوديين العاملين حالياً في المملكة، وكذلك المعدل السنوي لارتفاع هذه الاعداد، وأرقام ونسب أخرى ليس مرغوب بها ولا تسر الناظرين. نحن نتحدث الآن عن رقمين أثنين مهمين، الأول وهو عشرة ملايين عامل غير سعودي يعمل في المملكة، يقابله مليون سعودي باحث عن عمل.

العشرة ملايين عامل اجنبي في المملكة هم فئات ومستويات عدة، يتفاوتون في مستوى الأجر والمناصب والكفاءة والمهارة، للأسف لم تفصح وزراة العمل حتى لآن عن أي مستويات تريد وتستهدف خططها لإحلال السعودي محل غير السعودي، لكنه كما هو واضح أنها تستهدف المستويات الدنيا، ولعل هذا راجع - كما يعتقد البعض - لسهولة ذلك وظهور نتائجه سريعًا وواضحًا، وهذا الكلام فيه الكثير من المنطق العملي خصوصاً، إذا كان هذا هو الجزء الأول من الخطة وليس كل الخطة.

خطة الإحلال هذه تحتاج إلى أمرين أثنين الأول متعلق بالباحث عن العمل الذي يحتاج إلى: وضع حد أدنى للأجور - وأن لم يكن رسمي -، وكذلك وضع محفزات له تجعل وظيفته تسانده اجتماعيا وتحفزه على الاستمرار فيها. لنتذكر على سبيل المثال وظائف السلك العسكري وكيف تحظى ابسط وظيفة فيه بقبول لدى عامة الناس تقريباً بالرغم من قلة الأجر فيها وزيادة المجهود مقارنة ببعض الوظائف الأخرى.

الأمر الآخر وهو متعلق برب العمل، الذي اعتاد لسنوات على نمط غير صحي، لكن هذا النمط غير الصحي حقق له - بالتجربة والمقارنة ايضا - أرباح مجزية، وأي تغيير أو إجبار على التغيير سيعني له مجازفة محفوفة بالكثير من المخاطر، مما سيجعله يقاوم هذا التغيير باعتباره أحد المخاطر التي تهدد مصالحه. لذا فالوزارة مطالبة بتفكيك هذه المخاوف أو المخاطر لدى أرباب العمل - بأستثناء الشركات الكبيرة التي تحتاج معاملة مختلفة - بعدد من الإجراءات المبتكرة لتغيير الرقمين الأثنين المهمين الذين ذكرتهم أعلاه، ولعل اول هذه الإجراءات هو التعامل بنظامين للعمل الأول خاص بالشركات المصنفة كشركات كبيرة وأخر للشركات الأخرى، ثم البناء على هذا الأساس شريطة أن يكون هذا الإجراء أكثر ميلا للشركات الأخرى وليس الشركات الكبيرة.

هل يمكننا توقع أول ما ستفعله أي شركة أجنبية ستدخل سوق المملكة في قطاع كقطاع التجزئة مثلاً؟ ستفعل أمرين، الأول دفع أجور منافسة لموظفيها، والثاني الحصول على أكبر قدر ممكن من التسهيلات والاعفاءات. حسناً، لنبدأ بما ستبدأ به تلك الشركات الآن.

أن معيار نجاح الوزارة في تغيير المعادلة من خلال مروحة من الحلول المبتكرة سيضمن تحقيق قصة نجاح حقيقية للوزارة، وذلك بحل مشكلة البطالة وتقنين نسب العمالة الوافدة والزائدة وتحقيق زيادة في الدخل القومي من خلال التوظيف الأمثل وليس الرسوم.