ماذا يريد المسئول؟ ماذا يريد صاحب العمل؟
احتدم النقاش مؤخرا في مختلف وسائل الإعلام والتواصل الإجتماعي حول تطبيق الإصلاحات الاقتصادية الأخيرة والتي كان من أهمها:
- رفع أسعار الطاقة
- فرض رسوم إضافية على العمالة الأجنبية وماتبعها من تطبيق الفاتورة المجمعة
- فرض التوطين بالكامل على وظائف 12 قطاع اقتصادي
كان من المتوقع تباين الأراء بين الأطراف ذات المصلحة وخصوصا كون مدى وتأثير التغييرات واسع وكبير ماليا. سنستعرض بداية مقارنة بين ماوفرته وساهمت فيه الأنظمة الحكومية والمسثمرين «شركات ومؤسسات» وأثرها على النشاط الاقتصادي وبالخصوص القطاع الخاص.
ماذا قدمت الحكومة؟
• توفير الاراضي الصناعية ودعم أسعار الطاقة للمستثمرين
• فتح مجال استقدام الأيدي العاملة
• تقديم دعم مالي للشركات التي توظف المواطنين «برنامج هدف»
• دعم العديد من الجهات الحكومية «تقنيا، ماليا وإداريا لمساعدة الأعمال الجديدة «بادر، صندوق كفالة، مراس» أخرها برنامج دعم ب 72 مليار ريال تنفق خلال الأربع سنوات القادمة
في المقابل، ماذا قدم رجال الأعمال؟
• توفير فرص وظيفية وتدريب للمواطنين: هناك تباين كبير بين الشركات في التطبيق الفعلي لتوظيف المواطنين. قامت الشركات الكبيرة «بالخصوص شبه الحكومية ومن تتملك فيها أذرع الحكومة الاستثمارية» بتوظيف نسبة كبيرة «85/90 % من العاملين فيها مع توفير رواتب ومكافأت مجزية وتنافسية بينما التزم الكثير بأقل الممكن «رواتب 3 آلاف ريال ودعم هدف»
• المساهمة في نمو القطاع الإقتصادي بشكل عام: مازال القطاع الحكومي وبالخصوص الإنفاق الرأسمالي على المشاريع يمثل الشريان الرئيس للإقتصاد المحلي
• نقل وتطوير التقنية: ساهمت العديد من الشركات في تكوين قاعدة صناعية «منتجات أولية، بلاستيك، معدات وأجهزة كهربائية» لكن مازالت المملكة تستورد أغلب إحتياجاتها الإستهلاكية «لبس، أجهزة معدات صناعية سيارات الخ»
• المساهمة في الخدمة المجتمعية: مساهمات خجولة أغلب الأحيان مع تواجد محدود لبعض الشركات التي قدمت مشاركات عملية من دعم توظيف، حضانة أعمال وتقديم مساعدات مالية/عينية
هدف الحكومة واضح من تنويع مصادر الدخل، زيادة مساهمة القطاع الخاص والاهم توفير وظائف مجدية للمواطنين. في المقابل يهدف القطاع الخاص لتحقيق الأرباح «كل ماعدا ذلك فرعيات». تقديم التسهيلات خلال السنوات السابقة وبالخصوص نظام الكفالة والتأشيرات ساهم بشك كبير في إستغلال العديد ممن يسمون أنفسهم رجال أعمال للثغرات وإغراق السوق بالعمالة السائبة من جهة وبالشركات التي تتبع اسم مواطن سعودي بالاسم فقط بينما يتملكها أجانب.
ساهم ذلك في حدوث شروخ كبيرة بسوق العمل والذي استوجب فرض الإصلاحات. لكن في المقابل، ماهو ذنب الشركات والمؤسسات التي تمشي على النظام والتي تساهم في تنمية الإقتصاد المحلي وتوظف ابناءه وتطور التقنية والتي من الممكن أن تكون إحدى ركائز الإقتصاد يوما ما. رفع تكاليف العمالة، غلق باب التأشيرات وفرض التوطين بالكامل وفوقها تفسير بعض الادارات للقرارات الحكومية بما يتسبب بإثقال كاهل أصحاب العمل سيتسبب في غلق الكثير منها. نعم نهدف لتوظيف أبنائنا ولكن منطقيا الاهم من ذلك هو وجود شركات توظفهم وأن تتمكن الشركة من العمل بمرونة أكبر وتراعى الشركات التي التزمت بالاهداف الحكومية.
يجب أن لانغفل التركيبة الإجتماعية لسكان المملكة. توفير عمالة مقاولات او خدمات مطاعم لن يتوفر بسهولة حتى لو رفعت الرواتب. وفي المقابل، زيادة التكاليف ستضع صاحب العمل أمام أحد الخيارين
- رفع الاسعار ومايتبعه من خسارة لحصته السوقية
- إغلاق المنشأة لعدم قدرته على تحمل التكاليف
نهدف جميعا لإقتصاد قوي متنوع ومنافس يوفر فرص وظيفية مجدية لابناءه. يستخدم الدعم الحكومي بمختلف صوره ودرجاته في كل دول العالم بلااستثناء لمساعدة الأعمال على النجاح. سأسرد مثالا واحدا فقط لنتذكر أن حتى دولة بحجم الولايات المتحدة قدمت دعما لشركة عملاقة «اي تي اند تي» لمساعدتها في تطوير صناعة الترانستور وكانت تقوم بشراء كامل الإنتاج «لم يكن القطاع الخاص يستطيع توفير تكاليف الكومبيوترات الباهظة في الستينيات. استمر الدعم حتى استطاعت الشركة ان تطور التقنية وتقلل التكاليف ومن بعدها اكتسحت السوق وحققت أرباحا حقيقية.
الدعم الحكومي مهم والأهم أن يوجه لمن يستحق وفق جدول زمني يكفل عدم إستغلال الموارد الحكومية وبما يحقق المطلوب وهو مساهمة حقيقية وقوية للقطاع الخاص في بناء الاقتصاد المحلي.