بناء التأثير القيادي بالاقناع
على هامش التحضير لأمسية تربوية تعليمية، دار حوار بيني وبين المهندس محمد «المحاضر» وكان نقاش مثمر وموجه نحو ايجاد ساحة تاثير ايجابية في وسط الجيل الصاعد من خلال تسخير ادوات الاتصال العصرية والمحاضرات الهادفة. انتهى الحوار الى الاقتناع بان مواكبة ادرات العصر هي من ضروريات النجاح. فلك ان تتخيل حضور مئات الالاف من المشاهدين لمحاضر في ذات الوقت.
لاحقا تدارست بيني وبين نفسي موضوع صعوبة إقناع اطراف ب الافكار الجيدة وعن مواجهة بعض القيادات الاجتماعية والغير الاجتماعية انتكاسات او تحديات او متاعب في تمرير الافكار الجيدة. من المسلم به بان وجود احد في مركز القيادة الاجتماعية او الادارية لايعني بالضرورة حتمية اتباع الاخرين له في كل أطروحاته واهدافه وافكاره. هناك طرق اخلاقية وسلوكية واقناعية ومعاملاتية مؤثرة لاحداث التغيير المنشود وتمرير الافكار المستهدفة ولكن هناك متاعب على القائد ان يتلمسها ويضع الخطط السليمة لخلق حلول وطرق واستراتيجيات لاحداث اختراق ولتمرير قناعات منطقية تمهد بقبول الافكار المعنية والمضي نحو الاهداف المنشودة.
تلكم المهارات والوعي بالإستراتيجيات لاحداث التاثير الايجابي وتجنب التنافر السلبي تحتاج الكثير من الجهد لاستحصالها والعمل بها. في جيل التكنولوجيا والعولمة والتاثير المتنامي للوسائط الاجتماعية الايميل وفي تشكيل المزاج العام، لم يعد لكلمة ”تحكم - control“ وقع في التجاوب في الانفس الا اذا كان خوفا او رهبة او طبقا لفرض سلطة ادارية في شركة او مؤسسة او جلب منافع ذاتية. وفي العادة كلمة ”تحكم“ تتضمن اجبار الاخرين على الانصياع للقرار الصادر ولكن لا تعني التعهد بانجاحه. كلمة ”تحكم“ قد توحي بفرض قوة وسيطرة غير محببة للنفس وتهشيم ارادات «volition» وقد تدمر مصداقية المتحكم وتاثيره ان لم تكون واضحة المقاصد. الكلمة الاكثر صدى وتاثير في الانفس هي“ التاثير - influence“. لعل كلمة ”تاثير“ تعني فيما تعني وضمن نطاقها اللغوي الوظيفي تعني:
- مهارات الاتصال ووضوح الاهداف والرؤى والقيم
- وتبني العلاقات الجيدة
- وتحفيز المحيط وقوة الاقناع العقلي وتفهم الظروف الادارية
لأجل المضي نحو تحقيق الاهداف.
وجود اهداف او افكار نبيلة لا يعني بانه لك الحق ان تفرضها على الاخربن بالقوة. ولكن اذا كان الشخص المعني بتلك الاهداف النبيلة مجد في الدعوة لتلكم الاهداف فليبحث عن الاساليب الانجع لاحداث القناعات الموائمة لتلكم الاهداف او الافكار. الاقناع والتاثير الايجابي لا يتضمن استخدام التهديد او التقريع او الايذاء او الدفع او الضغط او التهكم او الشتائم او الاستقواء بأطراف ضد طرف او الاستقواء بسلطة ما. في الغالب، حسن توظيف ادوات الاقناع والتاثير يحدث التغيير المنشود من دون وجود اي سلطة او قوة؛ وكذلك الاقناع يحدث التغيير من خلال توظيف التواصل والاتصال الفعّال باستخدام المنطق الفكري والدلائل المنطقية. سيجلب التاثير المبني على الاهتمام والرعاية والاحترام وحل التشنجات والتشجيع وتبادل الاراء بشفافية وثقة لخلق المشتركات واعتماد انتقال المعرفة وكثافة مساحة المصداقية.
في الزمن الحالي، القيادات الاجتماعية والروحية تُبنى على الثقة والاحترام وحسن توظيف مخرجات التاثير والاقناع وليس بسلطة المرتبة الوظيفية او الهالة التاريخية او الشطب الأفقي والعامودي.