آخر تحديث: 23 / 11 / 2024م - 8:37 م

سناب شات والشهرة الصاروخية

هاني المعاتيق

إلى ما قبل ثلاثة عقود أو أكثر بقليل كان الناس على نطاق حدودنا أو ما حوله يتنفسون بدايات تقنية المعلومات الحديثة التي بدأت تتطور بشكل سريع جداً جداً، فبعد أن كان غالبية المجتمع يعتمد على الإستماع للمحاضرات عبر الراديو أو المنبر أو ما تنقله بعض القنوات أو بتصفح  الشبكة العنكبوتية ليتوسع في اختياراته واستماعه ممن يمتلكون قنوات على اليوتيوب وما يضعونه على صفحاتهم ومواقعهم  على الشبكة وعادة يكون هؤلاء إما  علماء أو خطباء أو مختصون في مجالات معينة.

والناس تتابعهم بطريقة طبيعية ويحظون بعدد مشاهدين يتزايدون بعد مدة من الزمن كان سببها ما يقدمونه من معلومات أو تميز في طرح قضايا أو أفكار تستحق المتابعة لذلك زيادة عدد المتابعين توحي بوجود ما يميز هذا الخطيب أو العالم عن غيره في أغلب الأحيان.

اليوم هؤلاء العلماء الفضلاء والخطباء وأصحاب الإختصاص  هم الأقل حظاً ونصيباً في عدد المشاهدين والمتابعين والمستمعين على السويشل ميديا كما يعّرفها الناس والزاحفة بشكل يدعو للارتياب والهلع.

جميل أن يتواصل الناس فيما بينهم ويتكلموا  بكل عفوية عبر هذه الوسائل وجميل أن يقدم البعض خبراته الطيبه وكلماته النافعه الناصحة من قلب محب لأهله  كما يتحدث مع زملائه أو أبنائه وأصدقائه بكل إخلاص ليوصل فكرة جميلة وتجربة رائعة يستفيذ منها الآخرون وينقل عبر هذه الوسائل الصورة المتحضرة الجميلة لمجتمعه عبر نشر الفضيلة والوعي بطريقة لا تتجاوز الإختصاص والخوض فيما لايعينه.

وسائل التواصل اليوم هي منبر مفتوح لا يحتاج إلى ترخيص أو مبنى أو أي تجهيز كي يرتقيه أي احد وقد يصل عدد المشاهدين لهذا المنبر مئات الألوف إن لم يكن الملايين وأغلبهم من الشباب اليافع والفتيات المراهقات الذين ينجذبون بسرعة فائقة لمتابعة من يشبع ميولهم ويستأنسون بحديثه.

ما الخطر في كل ذلك وما المانع أن يتابع الشباب من يحبون ويرتقي منبر السويشل ميديا من يحبه الناس والشباب ويتابعونه،  هل يحتاج هذا إلى إذن من أحد أو تصريح مسبق.

لا أحد يملك الحق في منع أحد من الكلام ولا من الإستماع  ما نراهن عليه في هذا الزمن المخيف هو نضج الكثير ممن يتصدرون «السويشل ميديا» ويمتلكون هذا الكم الهائل من المتابعين ولديهم حس اجتماعي سليم وواعي، هم أمام خيارين «إصلاح أو إفساد» إما أن يكونوا سبباً في صلاح المجتمع  وحفاظه على كرامته ومبادئه  وعاداته عبر بث حالة الوعي الإجتماعي والتوجيه نحو القيم والحفاظ على هؤلاء المتابعين بما يحفظ وجودهم ومراعاة الضوابط في عدم الخوض فيما لايعني المتكلم والمعرفة التامة بمسؤولية الكلمة التي قد تكون سبباً في فساد المجتمع وانحرافه.

لذلك من يسعى لزيادة عدد متابعيه عليه في المقابل أن يسعى لتقيم نفسه ومعرفة خطورة تزايد الأرقام فالكلمة التي تخرج لاتعود والفكرة التي تروج قد تؤسس لعمل يحمل تبعات خطيرة كان المتكلم سبباً في إثارتها وسيتحمل وزرها.

إذا زاد عندك عدد المتابعين يلزمك الحذر بجد،  إذا كنت تؤمن بالعواقب المترتبة عليه،  وإذا مدحك الناس لا تفرح عليك البحث عمن يقدم لك النصح وينتقدك انتقاد محب وناصح.

والمسؤولية الأخرى يتحملها المتابعون الذين يمتلكون النضج الكافي وتمييز السليم من السقيم،  إذا كنت تتابع من تحب فلا تبخل عليه بالنصيحة إذا  تجاوز الحدود ولاتبخل عليه بالتواصل إذا وجدت أنه يقدم عملاً طيباً، أما من ترونه يهزل في كلامه ويتلون في حديثه ويخلط في طرحه ويسيء لمجتمعه على المتابعين إن لم يجدوا فائدة في النصح مغادرة صفحته ومقاطعته وعدم تشجيعه ونقده دون الدعوة للتشهير ضد احد، عدد المتابعين توحي للكثيرين أنهم أصبحوا أرقاماً صعبة لا يمكن مناطحتها أو نقدها من أحد.

نثق بسيرة  مجتمعنا الذي تربى على الصلاح والمحبة والتعاون ونشر الفضيلة كما نثق إن شاء الله في المتصدرين عالم السويشل ميديا الذين يحملون روية واضحة وأهداف محددة  ولديهم إن شاء الله رصيد كبير من المعرفة ويحبون النصح لمجتمعهم الذي به تصل رسالتهم عبر هذه الوسائل ويشاركون في البناء لا الهدم.