آخر تحديث: 24 / 11 / 2024م - 7:35 م

ثقافة المستقبل

محمد أحمد التاروتي *

يشكل الحلم احد الأدوات المحركة للإنسان، باتجاه صنع مستقبل باهر، لاسيما وان الأوضاع الصعبة او المتواضعة، تدفع المرء لرسم حياة مختلفة، مما يمثل انطلاقة مشروعة، للثورة على الحياة الحالية، ومحاولة تغيير الجلد، بما يسهم في رفع المستوى المادي، فهناك الكثير من النماذج الناجحة، التي رفضت الواقع المعاش، باتجاه مستقبل اكثر اشراقا.

التحرك باتجاه رسم المستقبل، يستدعي انتهاج الطرق المشروعة، وتجنب سلوك الجادة الخاطئة، فالمقدمات الملتوية لا تقود الى النتائج الصحيحة، لذا فان المرء بحاجة للاختيار الصائب، وعدم السير وراء الاطماع الذاتية، في سبيل الوصول السريعة، بالصعود المفاجئ، والقائم على المقدمات الخاطئة، تخلف الندامة، وعدم القدرة على الصمود حتى النهاية، مما يعني السقوط الحتمي، سواء كان في منتصف الطريق، او عند خط النهاية، بخلاف الاختيار الصحيح، الذي يثبت الأقدام، باتجاه الوصول الى الهدف المرسوم.

البعض يعمل جاهدا، في سبيل رسم المستقبل، عبر ازاحة الجميع عن طريقه، مما يدفعه لارتكاب الفظائع، واستخدام المحرمات، انطلاقا من مبدأ ”الغاية تبرر الوسيلة“، مما يولد وحشا كاسرا على صورة بشر، حيث يعمل على صنع الدسائس، ونصب الأفخاخ للاطراف الاخرى، فالمشروع الذي يتحرك لتحقيقه، يستدعي الأقدام على جميع الأساليب المشروعة، وغير المشروعة، الامر الذي يتمثل في استخدام القتل او السلب او غيرها، من الوسائل الفظيعة، من اجل رسم صورة مغايرة، على الصعيد الشخصي او الاجتماعي.

عملية الاختيار الصائب للوسائل المشروعة، لتحقيق لرسم المستقبل الزاهر مرتبطة، بعوامل عديدة، منها على سبيل المثال وجود الناصح الذي لا يبخل في تقديم النصيحة، واستخدام كافة الوسائل الممكنة للتوجيه الصحيح، الامر الذي ينعكس بصورة على رسم الخط المستقيم، والذي يشكل عنصرا حيويا، في عدم الوقوع في الشبهات وارتكاب الهفوات خلال مسيرة صنع المستقبل، اذ يتحرك الناصح باتجاه، وضع الخبرات الكثيرة تحت التصرف، مما يسهم في اثراءالتجربة الحياتية، وبالتالي اختصار الزمن في سبيل الوصول باقل الخسائر.

ان التمسك بالقيم الفاضلة عنصر حيوي، في تحقيق الرضا الذاتي والاجتماعي، فالمرء الذي يفقد المبادئ في مسيرة صنع المستقبل، لا يجد القبول الاجتماعي، ولا يحصل على الرضا النفسي، فمهما حاول إقناع الاخرين ب ”العصامية“ في الوصول الى المستوى الحالي، فان الطرف المقابل يقف بالمرصاد امام تلك المحاولات، مما يولد حواجز نفسية واحيانا مادية، تحول دون تبوأ مركزا اجتماعيا مرموقا، في البيئة الاجتماعية، نظرا لرفض المجتمع الطرق الملتوية في مختلف الأمور، فالقيم تمثل مرآة للإنسان في مختلف الأشياء، فإذا تخلى المرء عن المبادئ، فانه لا يتورع عن ارتكاب مختلف الفظائع، في سبيل تحقيق مآربه الشخصية، بمعنى اخر، فان الهدف المستقبلي القائم على الاخلاق السيئة، يشكل وبالا على حسابه، في احداث الاستقرار النفسي والاجتماعي، وبالتالي فان السطوة التي امتلاكها بالطرق غير المشروعة، سرعان ما تزول بمجرد التعثر في منتصف الطريق، او عند ظهور معارضة قوية، كردة فعل على حالة الغضب المكبوتة، لدى شرائح اجتماعية.

كاتب صحفي