حسن الخُلق يوطن الاحترام والخدمات
الموقف الاول:
كنت جالسا على مقعد احد الحلاقين في احد الاحياء بالدمام واذا بنزاع بين الحلاق الآخر مع زبون شاب عشريني. رصدت أن الزبون أعطى الحلاق مبلغ أقل من التسعيرة المعلنة ب 33 ٪ بزعم أن كمية الشعر المزالة قليلة.
انتصارا للحلاق المنتهكة حقوقه، خاطبت الشاب الزبون وأنا تحت مقص الحلاق وذكرته بأن أداء الحقوق واجب شرعي وقانوني وأخلاقي وأن حسن التعامل هو من أخلاق النبلاء وأن إعطاء الأجير أجره كاملا واجب وليس منة له عليهم. فرد الشاب بالتعليل والتهرب من عدم إعطاء الأجرة كاملة. فقلت له: سأوفي الحلاق كامل أجرته من عندي. ثار ذلك الزبون الشاب العشريني وقال وهو منصرف: لا أحللك إن عملت ذلك ولا ابدي ذمتك. فقلت له وهو في حالة انصراف تام عند باب المحل: إذا كنت متشرعن وتفقه الحلال والحرام، كيف تحلل لنفسك مالا تحلله لغيرك. انصرف الشاب العشريني من صالون الحلاقة باتجاه السوبرماركت المجاور.
التفت الحلاق الباكستاني نحوي وهو منكسر الخاطر وقال: هذا الزبون يعمل نفس الحركة عدة مرات. حولقت لعدة مرات. وعند الانتهاء من حلاقتي عرضت على الحلاقين أن ياخذوا ما نقصهم من حقهم المالي المُستوجَب على الزبون الآخر من مالي. ابت نفوسهم وأبدوا شكرهم.
الموقف الثاني:
في أحد أحياء الدمام، كنت أجرد على عامل مغسلة الملابس اليمني عدد الملابس التي تحتاج الى كُوي. دخل زبون لم التفت إليه وكان منتظم في وقوفه وملتزم بالنظام. فجأة ومن دون سابق إنذار دخل شاب ثان في منتصف العشرينات من عمره وأخذ يردد بصوت مرتفع موجها كلامه نحو العامل اليمني قائلا: هل وجدت ملابسي أم لم تجدها. أراك متكيسل ولا تهتم لما سألتك عنه. استرسل الشاب الهائج بكلامه وتهديداته دونما اعتبار او احترام لوقوفنا المنتظم خلف بعض في الطابور. حاولت أن اهدئ من جفوته ونبرات صوته، فتطاول أكثر وقال: أنا اشتري خدماته بفلوسي. ثم انصرف الشاب الهائج غضبا وهو في حاله مستمرة في اطلاق تهديدات للعامل دونما أي رادع أخلاقي أو سلوكي. وختم الشاب الارعن قوله: سأذهب للبقالة لأجلب علبة كوكا كولا وسأرجع لك وجهز ملابسي.
الموقف الثالث:
في حي جديد من أحياء الدمام المميزة، كان هناك جزار مواطن من أبناء الوطن. يتميز محل الجزارة بأن صاحبه المواطن يتواجد بصوره دائمة في المحل والعمل بيده مع وجود عاملان مساعدان له أحداهما من الجالية العربية وآخر من الجالية الهندية. مستوى النظافة والجودة للحوم المذكاة شرعا كان مميزا. ولقى المحل، كامل الاقبال من سكان الحي وبعض الأحياء المجاورة، لابل أن بعض زوار الحي من المدن المجاورة يتعمدون التخطيط لشراء اللحوم منه لجميل طعم اللحوم والاطمئنان بتذكية اللحوم محليا ونظافة المحل.
تفاجأ بعض ابناء الحي بانتشار تسجيل صوتي لـ شاب يافع يدعي بأن اللحوم لا تُذكى بالطريقة الشرعية وأن اللحوم مستوردة ومثلجة. أحدث ذاك الخبر زوبعة في بداية الامر ولقت التسجيلات صداها لدى البعض من الناس، إلا أن المخلصين استوضحوا كامل النقاط ورفعوا الشبهة وعادت وانتشرت روح الثقة والاطمئنان في محل الجزارة.
بعد استعراض المواقف الثلاثة السابقة، لنتخيل أن كل تلكم الأنشطة تمارس في حي واحد وأن ردود الفعل لدى اصحاب أو موظفي تلكم المحلات هو الاغلاق أو نقل أعمالهم لحي آخر فما هو وضع ذاك الحي بعد اختفاء انشطة خدماتية ك: الحلاق، المغسلة، الجزار... البقالة... القرطاسية... ورشة تصليح المكيفات... الخ.
حتما سيعاني الجميع وسيتحتم على ابناء ذلكم الحي الخروج من حيهم لاستحصال الخدمة اليومية المطلوبة من المحلات المفتوحة بالأحياء المجاورة.
أهمس في اذن الصادقين من ابناء كل حي بالتزام حسن المعاملة مع الاخرين ودماثة الخلق واعطاء الحقوق للآخرين وعدم الاستخفاف بالناس أو حقوقهم لأي سبب. وأهمس في أذن بعض الشباب المتهور في ضبط تفاعلاته السلبية وأن يتذكروا قدرة الله عليهم قبل أن يستعرضوا عضلاتهم على من أتى من بلاده مغتربا من أجل لقمة عيش كريمة وحلال.
اخواني الشباب وكل من يقرأ هذا المقال أرجو حث الاخرين ممن ترصدون جفائهم مع الموظفين او العمال ان تنصحوهم من ان لا يجعلوا العمال والموظفين يكرهون العمل بمناطقكم ومدنكم فالجميع خاسر حين تختفي الخدمات أو تتقلص من الأماكن المجاورة. واخلاقيا يجب معاملة الموظفين والعمال كأخوان لنا في الدين او الانسانية لنحظى برضا الله واحترام الآخرين وجميل خدمتهم.