آخر تحديث: 24 / 11 / 2024م - 7:35 م

الأزمة السورية.. ومعركة عفرين

محمد أحمد التاروتي *

حدد ستيفان دي ميستورا، المبعوث الدولي الخاص بالملف السوري، يومي 25 - 26 يناير الجاري، موعدا رسميا لجولة جديدة للمفاوضات، بين الحكومة السورية والمعارضة في جنيف، من اجل تضييق هوة الخلافات بين الطرفين، بغرض احلال السلام، وتغليب الحلول السياسة على لغة السلاح، وبالتالي انهاء الصراع القائم، في الاراضي السورية منذ 7 سنوات.

تأتي جولة المفاوضات الجديدة، في ظل تطورات على الساحة السورية، اذ تشكل الحشود العسكرية التركية على الحدود السورية، ابرز تلك التطورات، حيث تحاول القوات التركية الدخول في عفرين، من اجل السيطرة على المدينة، وانهاء التواجد الكردي، وبالتالي محاولة فرض امر الواقع، خصوصا وان انقرة تعتبر الأكراد من الجماعات الإرهابية، مما يستدعي التدخل العسكري، للقضاء على تلك الجماعة المسلحة، التي تسيطر على مساحات واسعة، من الجغرافيا السورية حاليا، نظرا للدعم العسكري الكبير المقدم من الولايات المتحدة، مما ساعد الأكراد على طرد داعش، من العديد من المناطق، وابرزها انهاء سيطرة داعش على مدينة الرقة.

كما ان جولة المباحثات الجديدة، تأتي على وقع التقدم العسكري لقوات النظام السوري الكبير، في ريفي حلب وأدلب، وبسط النفوذ على مساحات واسعة، على حساب جبهة النصرة والجماعات المتحالفة معها، الامر الذي يخدم الوفد السوري المفاوض في المفاوضات القادمة، فاتساع دائرة سيطرة النظام على رقعة واسعة، من الجغرافيا السورية، يسهم في فرض الشروط، بمعنى اخر، فان الوفد الحكومي يحاول الاستفادة من الورقة العسكرية، في انتزاع مكاسب سياسية، الامر الذي لا يَصْب في صالح المعارضة، التي بدأت تخسر العديد من الاوراق على الارض، مما يعني تقليص هامش المناورة، لدى المعارضة في المباحثات المرتقبة.

بالاضافة لذلك، فان مفاوضات جنيف القادمة، تأتي في وقت تشهد التفاهمات التركية الإيرانية - الروسية نوعا من التوتر، على خلفية المعارك العسكرية، التي تقودها قوات النظام، في ريفي حلب وأدلب، والاقتراب من الحدود الادارية لمحافظة أدلب، اذ تعتبر انقرة تقدم قوات الحكومة السورية، يتناقض مع اتفاق خفض التصعيد المتفق عليه، بين العواصم الثلاث، والتي تشمل كذلك مدينة ادلب، مما دفعها لمحاولة حث موسكو وطهران، للضغط على دمشق، لإيقاف المعارك العسكرية.

سقف الامال المعقودة، على جولة جنيف المرتقبة متواضعا للغاية، خصوصا في التطورات العسكرية والسياسية، سواء على صعيد الجغرافيا السورية، او منطقة الشرق الأوسط، بمعنى، فان الهدف من الجولة الجدية، محاولة لتقريب واجهات النظر، بشأن العديد من الملفات، نظرا لتباعد المواقف بين طرفي المفاوضات، لاسيما وان بيان الرياض 2 للمعارضة، ساهم في افشال الجولة السابقة - بحسب وفد الحكومة السورية -، اذ اعتبرت دمشق بيان الرياض 2 بمثابة شرط مسبق، حيث طالب باستبعاد بشار الأسد، من الحياة السياسية، في المرحلة القادمة، الامر الذي دفع وفد الحكومة السورية لسحب البيان المذكور، مما دفع المعارضة لرفع طلب وفد دمشق، مما حال دون احراز تقدم حقيقي في الجولة السابقة، خصوصا وان كل طرف حمل الطرف المقابل مسؤولية الفشل، والوصول الى طريق مسدود.

كاتب صحفي