آخر تحديث: 24 / 11 / 2024م - 7:35 م

ثقافة الترفيه

محمد أحمد التاروتي *

”إن القلوب تمل كما تمل الأبدان فابتغوا لها طرائف الحكمة“

الترفيه عنصر حيوي في كسر الرتابة، والترويح عن النفوس، بما يجدد النشاط، ويقضي على الكسل، خصوصا وان انتهاج طريقة واحدة في العيش، يخلق حالة من الضيق، مما يستدعي احداث تغيير جدري في طريقة التفكير، للقضاء على الشعور بالملل والكسل، فالمرء الذي بحاجة مستمرة، لاتباع طرق متعددة، في طريقة الترويح عن الذات، الامر الذي يفسر البحث الدائم عن الأماكن، التي تدخل السرور، والبهجة في النفس.

ثقافة الترفيه ليست ترفا، او حالة نرجسية، بل تمثل حاجة بشرية، وطبيعة فطرية، لدى الانسان، الامر الذي يدفعه لمحاولة الترويح عن الذات، بتوفير مسببات ادخال البهجة في النفس، فتارة تكون من خلال السفر، والذهاب الى البلدان، التي تتوافر فيها الطبيعة الخلابة، والمناخ الجميل، وتارة تكون من خلال الجلوس في الحدائق، التي تفوح منها رائحة الزهور، خصوصا وان المناظر الطبيعية تحدث في النفس اثرا معنويا كبيرا، بحيث تترجم على صورة نشاط كبير، وانطلاقة جديدة مغايرة للمرحلة السابقة.

وضع الضوابط لتكريس الترفيه، امر بالغ الأهمية، فالمرء بامكانه تسخير الطبيعية ما تحويها، في سبيل اكتساب الترفيه، بمعنى اخر، فان المجالات المباحة كثيرة، وغير محدودة، باستثناء بعض الممارسات غير الدينية، او الاخلاقية، اذ لا يمكن للمرء الجلوس في أماكن بدون موافقة أصحابها، او محاولة التخريب في الحدائق الخاصة، او العامة، فضلا عن استخدام الطرق غير القانونية، في امتلاك بعض المواقع، لتحويلها الى مدن ترفيهية، او غيرها من الضوابط الدينية والاخلاقية.

أهمية الترفيه تكمن في قدرتها، على تفريغ الهموم اليومية، التي تواجه المرء في المسيرة الحياتية، فضلا كونها متنفسا للعديد من الشرائح الاجتماعية، الامر الذي يفسر حرص الكثير الدول، على توفير الأماكن الترفيهية، لاسيما وان إيقاعات العصر، وتسارع وتيرة الحياة، تستدعي وضع محطات للتوقف، بغرض التزود بالوقود بعيدا عن ضغوط العمل، الامر الذي يفسر إعطاء الموظف العطلة السنوية، والطالب الإجازة الصيفية، فالطالب الذي يركض طيلة 8 اشهر في طلب العلم، وكذلك الامر بالنسبة للموظف الذي يعمل 11 أشهرا، بحاجة الى فترة راحة لالتقاط الانفاس، والعودة مجددا بطاقة، وحيوية مختلفة تماما عن الفترة الماضية.

كما ان الدول على اختلافها، تحرص على تطوير الترفيه، من خلال وضع البرامج المختلفة، سواء لاستقطاب السائح الداخلي او الخارجي، بحيث تخصص كوادر تعمل على الترويج، لبرامجها سواء من خلال الوفود للدول الاخرى، او عبر ضخ الملايين في الإعلانات التجارية، خصوصا وان الترفيه اصبح صناعة تدر المليارات، على الكثير من الدول العالمية، مما يساعدها على زيادة دخلها، وخلق الكثير من الوظائف الدائمة والموسمية، الامر الذي يفسر التنافس الكبير بين الدول، على ابتكار البرامج السياحية، في سبيل استقطاب اكبر عدد من السياح، بحيث يتجاوز عدد السياح، لدى بعض الدول حاجز 10 مليون سنويا، والبعض يصل الى 15 الف، سواء نتيجة نوعية البرامج الترفيهية، التي تقدمها للسائح، او بسبب وجود المناظر الخلابة الجاذبة، او نتيجة المزايا، التي تمنحها للسائح، بمجرد الوصول للبلاد.

كاتب صحفي