عتاب من عالم الانستجرام والواتس اب
تطورت العلاقات الاجتماعية بشكل مضطرد حتى اضحى الانسان معلوم التواجد في العالم الافتراضي كما في الواقع بل واكثر من ذاك. فالبعض ممن يتابع محبينه او أقاربه او ابناؤه، يتفحص مواقع التواصل الاجتماعي ليرصد اخر ظهور لهم او الانشطة التي شارك فيها. يستشعر البعض القلق نحو أصدقاءهم اذا كان الانقطاع اكثر من المدة الزمنية المعهوده عنهم، وهذا لاول وهلة امر محمود.
حديثا عاتبني صديق غير مقرب لعدم سؤالي عنه لمجرد غياب دام سته ايام فقط. واستشهد في عتابه لي لعدم متابعتي لموقعه في سناب تشات حيث كان يوثق يومياته داخل المستشفى وهو على السرير الابيض! وقد زاره العديد من متابعيه وأصدقاؤه. وزاد درجة العتاب لديه نحوي، بان عدد ليس بالقليل ممن زاره هم ليسوا بمستوى نفس الصداقة والعلاقة التي بيننا.
ولكون العاتب في حالة زعل ولرفع العتب من طرفي شرحت له باني لا اتابع ولا اشغل برامج سناب تشات الا ما ندر لاني لست مولعا بتطبيقات التواصل الاجتماعي فضلا عن اني اعمل بتراتيب الاهم فالمهم في شؤون الالتزامات والحياة وادارة الوقت.
هنا استحضرت حالة تامل كتبته قبل مدة عن التفاعل مع المحيط من خلال برامج التواصل الاجتماعي في حالة الانقطاع الموقت؛ من جميل التامل في حالة الانقطاع عن العالم لسبب العلاج حيث يرقد الانسان على السرير الابيض، يعيد اولويات الامور ويتأمل أثره فيمن حوله. وهذا التامل عشته شخصيا قبل فترة بعد اجراء عملية جراحية.
اما في حالة الانقطاع بسبب السفر، فحالة التامل بوجود الأنسان غريب بين اناس لا تعرفهم تجعلك تدرك اهمية الاخوان والأحبة والاصدقاء المخلصين واهمية الابتعاد عن كل ما قد يعكر صفو المحبة والمودة بينكم.
ان عتاب زميلنا المذكور في صدر الحديث، هو عتاب بحجة غريبة وهو عتاب ناشئ من قلة متابعة في العالم الافتراضي كما قال! واني لا استغرب لهكذا اعذار من طرف المعاتب لايجاد توتر مع بعض المحيطين به وخسران البعض ممن يعدهم اصدقاء له.
لا نعلم ما يخبئه لنا الدهر من عوالم جديدة وسلوكيات انسانية تنفرز كمرافقة لذاك او هذا من العالم الافتراضي الجديد او عوالم الاتصال الاجتماعي المتسارع تطبيقا. فقد ياتيك شخص اخر معاتبا لانك لم تعلق على مقالته المسطرة على صفحات الفيس بوك او ياتيك اخر معاتبا لانك لم تضع اشارة like على الفيديو المحمل في قناته في اليوتيوب او معاتبا لعدم التفاعل مع قصيدته المرسلة في قروب الواتس اب انت عضوا فيه. لا اعلم الى متى تستمر هكذا موجات متقلبي الأمزجة والباحثين عن المتاعب في العلاقات بحجج واهية والاضطراب النفسي والسلوكي في التعاملات البشرية من خلال الانغماس في الاستهلاك المفرط لـ تطبيقات التواصل الاجتماعي.
اهمس في اذني المنغمسون في استهلاك تطبيقات التواصل الاجتماعي واقول: لطفا استدركوا انفسكم وعيشوا الواقع واستمتعوا بحياة متوازنة، فكسب الاخوان والاهل والاصدقاء وافئدة من يعيشون حولكم بحسن الاحترام والتعامل اللبق اهم من كسب عدد متزايد من المتابعين في التويتر او اشارات like في اليوتيوب او تكوين اعداد كثيرة في قروبات الواتس اب او كثافة المتابعين في الفيس بوك.