الوعي الاجتماعي
الحراك الثقافي بوابة هامة، لرفع مستوى الوعي لدى المجتمع، فحالة تلاقح الأفكار، والعصف الفكري، يقتل اللامبالاة لدى بعض المجتمعات، الامر الذي يتمثل في الحضور اللافت، في الصالونات الثقافية، وازدحام المكتبات العامة، فضلا عن ارتفاع مستوى القراءة، وبالتالي زيادة مبيعات الكتب كثيرا، مما ينعكس بصورة مباشرة على قدرة المجتمع، على تحديد المسارات، بما يَصْب في الارتقاء بالحالة الثقافية، وطرد الخمول الفكري، عبر العديد من الممارسات اليومية.
المجتمع الواعي، يحول دون تمرير المخططات المشبوهة عليه، نظرا لامتلاكه الأدوات القادرة، على اكتشاف المسار الخاطئ من الصائب، الامر الذي يجعل السلطات الحاكمة تتوجس كثيرا، قبل الأقدام على خطوات مشبوهة، مما يدفعها لمحاولة تمرير بعض المشاريع بطرق مختلفة، من اجل الحصول على التأييد المناسب تفاديا للفشل، نظرا لوجود قواعد اجتماعية، تمتلك الوعي الكافي للتعبير عن مواقفها، بصورة صريحة وواضحة، بغض النظر عن ردة فعل السلطات الحاكمة.
الوعي الاجتماعي حالة إيجابية، باعتبارها وسيلة للقضاء على الماكنة الإعلامية،، التي تحاول صناعة عقول وفقا اجندة مرسومة سلفا، لاسيما وان السلطات تحاول رسم حالة ثقافية، تتوافق مع القرارات التي تحاول تمريرها، وبالتالي فان المجتمع القادر على قراءة ما خلف السطور، بامكانه المشاركة في صنع القرارات المصيرية، بمعنى اخر، فانالمجتمع الواعي يقف سدا منيعا، في جميع المحاولات الساعية الى توجيهه نحو مشاريع، لا تصب في المصلحة العامة، نظرا لقدرته على ادراك خفايا بعض الملفات الاجتماعية، الامر الذي يشكل حالة تصادم مع السلطات الحاكمة في بعض الأحيان، واحيانا اخرى يدفع الى تصحيح بعض المسارات، بما يخدم جميع الاطراف.
الارهاب الفكري، وسياسة المنع، والحظر لبعض الأنشطة الثقافية، تمثل احدى الأدوات المستخدمة، لتكريس التخلف الفكري، والسيطرة على العقول، فالمجتمعات النامية تتفن في ابتكار الأساليب المختلفة، لتكريس التخلف الفكري لدى شعوبها، الامر الذي ينعكس على شكل تشريعات، تتضمن الحظر الشامل لحرية دخول الكتاب، في تلك البلدان، اذ تحاول تلك السلطات في البلدان النامية، استخدام شعارات حماية الشعوب، من التيارات الفكرية المنحرفة، لتمرير قرارات حظر الكتاب، وبالتالي فان محاولة كسر الطوق المفروض على الحرية الفكرية، يعني الانتحار الجسدي في بعض الأحيان، مما يدفع البعض للتسليم للامر الواقع، بالرغم من الاثار السلبية المترتبة، على هذه القرارات على الوعي الاجتماعي.
الحرية الفكرية، تشكل بيئة خصبة لتنامي الوعي الاجتماعي، فالشعور بعدم الملاحقة، والتهديد بالنفي او السجن، يولد حالة من التفاعل الكبير بين التيارات الثقافية، الامر الذي ينعكس على رفع مستوى وعي الفرد بالمجتمع، مما يحدث حالة التلاقح الفكري بين مختلف الأفكار، وبالتالي الارتقاء بالوعي الاجتماعي، القادر على احداث تموجات ثقافية، تسهم طرد حالة اللامبالاة، التي تعشعش في العديد من المجتمعات البشرية، لاسيما وان السلطات الحاكمة تحاول ابعاد مجتمعاتها، من المشاركة في صناعة القرار، من خلال انتهاج الكثير من الأساليب لابعاد المجتمع، من تشكيل حالة ثقافية للحيلولة دون المطالبة، بالمشاركة السياسية.