آخر تحديث: 24 / 11 / 2024م - 4:17 م

ثقافة الاجرام

محمد أحمد التاروتي *

عالم الجريمة، يشكل تهديدا حقيقيا على المجتمعات البشرية، باعتباره خروجا عن النظام، والمبادئ الاخلاقية السائدة، فالصراع القائم بين الفضيلة، والشر ليس جديدا، حيث يعود الى بدايات وجود البشر، على ظهر كوكب الارض، مما يدفع كل طرف للتسلح، بمختلف الأدوات اللازمة، لمواجهة الطرف المقابل.

خطورة الاجرام، تمكن في القدرة على اختراق الانظمة، وتجاوز الأبواب المغلقة بطريقة غير قانونية، الامر الذي ينعكس بصورة سلبية، على افراغ سلطة القانون، وسيطرة الفوضى، وانتشار الفساد، مما يقود لاتساع دائرة الفقر، واحتكار الاموال لدى شريحة ضيقة، وبالتالي اختلال التوازن الاجتماعي، بحيث يقود الى الخوف على النفس والمال.

إشاعة الاجرام في المجتمع خطيئة كبرى، ”فالخير يخص والشر يعم“، بمعنى اخر، فان محاولة جر المجتمع لإشاعة الاجرام، لا تجلب سوى الخراب والدمار، فضلا عن غياب السلم الاهلي، جراء سيطرة عناصر تتعامل بالقهر والقوة، في سبيل تحقيق مآربها الخاصة، الامر الذي يمثل خطرا كثيرا، على الثقافة الاجتماعية القائمة على احترام أعراض، وأموال الاخرين، فالاستيلاء على حقوق الاخرين، جريمة كبرى.

عوامل انتشار الجريمة، ليست مرتبطة باتساع دائرة الفقر في المجتمع، وانعكاساتها على التنمية الاجتماعية، والاقتصادية السليمة، فالفقر يخرس الفطن و”الفقر الموت الأكبر“، و”لو تمثل لي الفقر رجلا لقتلته“، بمعنى اخر، فان ارتفاع منسوب الاجرام لدى الفئات الفقيرة، مرتبط بالحاجة الماسة لتوفير لقمة العيش، الامر الذي تستغله بعض الجماعات الاجرامية، في تجنيد بعض الافراد للدخول في عالم مظلم، يصعب الخروج منه بسهولة، وبالتالي فان توفير الحياة الكريمة، ورفع مستوى المعيشة، وتحقيق قدر مقبول من الرفاهية، عوامل ضرورية لقطع الطريق امام تنامي الجريمة، في المجتمع الواحد، بمعنى اخر، فان السلطات الحاكمة التي تتحرك لتوفير الرخاء الاقتصادي، تساعد المجتمع في الابتعاد عن الجريمة.

بالاضافة لذلك، فان التعليم، وازالة الجهل من المجتمع، يلعب دورا حيويا، في تقليص الجريمة، في المجتمع الواحد، فالجماعات الاجرامية تحاول استمالة العناصر الجاهلة، بغرض استغلالها في تنفيذ مخططاتها، خصوصا وان الجاهل يكون لقمة سهلة، لدى العناصر الاجرامية، بخلاف المتعلم الذي يستطيع بمستواه العلمي، التفريق بين مصلحته من عدمها، الامر الذي يدفعه لتقليب الأمور من جميع الجوانب، قبل الأقدام على العمل، مهما كان صغيرا او كبيرا، بيد ان ذلك لا يعني عدم وقوع بعض اصحاب العلم، فريسة سهلة في شباك العصابات الاجرامية، سواء بسبب المصالح الشخصية، او نتيجة عوامل اجتماعية ضاغطة، او غيرها من الأسباب الاخرى.

كما ان الفساد على اختلافه، يمثل بيئة خصبة لنمو شجرة الاجرام في المجتمع، فالفاسد يتحرك وفق اجندات خاصة، بعيدا عن المصلحة العامة، بحيث لا يتورع عن التنازل عن المبادئ، وضرب النظام بعرض الحائط، في سبيل الحصول على بعض المكاسب، لذا فان العصابات الاجرامية، تعمل على زرع بذرة الفساد، في بعض الافراد، من اجل ارتكاب أفظع الجرائم الوحشية، خصوصا وان عالم الاجرام، يعج بمختلف الاعمال الفظيعة، بحيث لا تقتصر على سلب الاموال، او التعدي على حقوق الاخرين، وإنما تتجاوز ذلك لاهلاك الحرث، والنسل دون رحمة.

التعقيبات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
التعليقات 1
1
هلال الوحيد
[ القطيف ]: 2 / 1 / 2018م - 7:44 م
تعرف الثقافة بأنها مجموعة من القيم المشتركة بين مجموعة من الناس ، بما في ذلك السلوك المتوقع و المقبول من الناس ، و الأفكار ، و المعتقدات ، و الممارسات . 
في العادة لا تستخدم في السلب.
كل الشكر لك على المواضيع الجميلة ولكن هلا حافظت على العناوين السليمة.
كاتب صحفي