ثقافة الحقوق
معرفة الحقوق عنصر أساسي، في الحصول عليها، فالمرء العارف بزمانه لا تهجم عليه اللوابس، نظرا لقدرته على اكتشاف الخيط الابيض من الخيط الأسود، الامر الذي يحول دون استلاب حقوقه على اختلاف، بخلاف الجاهل او المتهاون في امتلاك حقوقه، فانه يقع ضحية الجهل، سواء من خلال الاستيلاء، على تلك الحقوق بالكامل، او انتقاصها بشكل او باخر.
الركون للظلم، وعدم إظهار المقاومة، تمثل عناصر أساسية، وراء الاستيلاء على حقوق الاخر، فالطرف القوي لا يستطيع الاستمرار، في قضم حقوق الاخرين، مع وجود إرادة قوية للرفض، حيث سيقوم باحتساب كل خطوة تفاديا للاصطدام، بينما سيمارس تسلطه، وإذلاله للاخر، بمجرد شعوره بضعف خصمه، او سكوته عن المطالبة، بحقوقه المسلوبة.
التعرف على الحقوق، يمثل الخطوة الاولى، لبدء معركة استعادة الحقوق المسلوبة، فالدخول في صراع مكشوف، دون امتلاك الأدوات والأسلحة اللازمة، يمثل انتحارا، لذا فان المرء مطالب بانتهاج الطرق المضمونة، لاجبار الاخر لرفع اليد عن الحقوق المغتصبة، بمعنى اخر، فان القضايا على اختلافها، تتطلب الدراسة الواعية، ووضع الخطط اللازمة، خصوصا وان الخصم لا يترك وسيلة دون اعتمادها، في سبيل حرمان الاخر من الحقوق، وبالتالي فان الصراع يستدعي الاستعانة، بجميع بالعناصر الضاغطة لتحقيق النصر، في معركة استعادة الحقوق المسلوبة.
عملية السكوت عن الحقوق، ظاهرة ليست خافية على الجميع، فهناك شرائح واسعة تقتنع بالفتات من الحقوق، التي تتصدق بها الاطراف ذات النفوذ الاجتماعي، نتيجة الافتقار للإمكانيات، والأدوات القادرة على اجبار، تلك الاطراف على التنازل عن حقوق الاخرين، الامر الذي يقود للتسليم بالأمر الواقع، خصوصا وان الدخول في صراع مباشر - وفقا لقناعة تلك الاطراف - يسبب تداعيات خطيرة، والنتائج غير مضمونة، مما يفضي للقبول بالقليل، عوضا من الخسارة الكاملة.
الوقوف امام الغاصب، لاستعادة الحقوق، يتطلب الشجاعة، والقدرة على تحمل النتائج، خصوصا وان الطريق في الغالب محفوف بالأشواك، والعراقيل العديدة، فالطرف القوي يرفض الوقوف أمامه، مما يدفعه للتكشير عن انيابه، ومحاولة القضاء على الأصوات الرافضة، من خلال استخدام وسائل الضغط المختلفة، وكذلك استخدام الماكنة الإعلامية، لتشويه صورة الجهات المطالبة بالحقوق، مما يؤسس لمعركة حامية الوطيس، يصعب التكهن بسقفها الزمني، لاسيما وان جميع الاطراف ترفض تقديم التنازلات، او الالتقاء عند نقطة مشتركة، فاستعادة الحقوق المسلوبة، لا تقبل القسمة على اثنين، فالتنازل عن من حق من الحقوق، يمثل تنازلا عن الجميع، الامر الذي يفسر اتساع الفجوة بين الاطراف، وفشل جميع الحلول الوسط المقترحة.
الايمان الكامل بضرورة استعادة الحقوق، يشكل عامل أساس في القدرة على الصمود، في التيارات الداعية للتنازل، وإغلاق الملف بشكل نهائي، خصوصا وان الطرف الغاصب، يتحرك بمجرد بروز أصوات، تدعو لاستعادة الحقوق، لمحاولة الضغط على تلك الأصوات، بطرق متعددة، بعضها بالترهيب، والبعض الاخر بالترغيب، بيد ان التمسك بالموقف، يسهم في تفويت الفرصة، وبالتالي، فان المرء يمثل المحور الأساس، في الحصول على الحقوق المغتصبة، فإذا اقتنع بالقليل فانه سيفقد جميع الحقوق، بينما يمثل رفض الفتات، مقدمة لاستعادة كافة الحقوق المسلوبة، ”ما ضاع حق وراءه مطالب“.