القدس.. والامم المتحدة
شكل التصوير بالاغلبية، على قرار اعتبار القدس، عاصمة لدولة فلسطين، هزيمة سياسية للولايات المتحدة، وهمجية الرئيس الامريكي، بالتهديد بقطع المساعدات الاقتصادية، للدول المصوتة لصالح القرار، فالدول المؤيدة للقرار، تركت سلاطة لسان المندوبة الامريكية، وراء ظهرها، الامر الذي يشكل بارقة أمل في التحرك، باتجاه اعادة الأمور لسابق عهدها، قبل اعلان ادارة البيت الابيض، الاعتراف بالقدس عاصمة، لدولة الاحتلال الاسرائيلي.
احباط مشروع القرار المصري الخاص، بمدينة القدس، بواسطة ”فيتو“ أمريكا في مجلس الامن، دفع الدول العربية للتوجه للجمعية العامة للأمم المتحدة، لاصدار قرار برفض اعلان ترامب، الاعتراف القدس عاصمة لإسرائيل، حيث حظي المشروع العربي بتتأييد اكثر من 125 دولة، وامتناع 35 دولة، ومعارضة 9 دول، مما يعطي دلالة على المعارضة العالمية، لتشريع الاحتلال، باعتباره سابقة خطيرة في المجتمع الدولي، ونسفا لجميع القرارات الدولية، الداعية لانسحاب اسرائيل، من الاراضي المحتلة عام 1967.
التصويت بالاغلبية لرفض القرار الامريكي، بالاعتراف بالقدس عاصمة، لدولة الاحتلال الاسرائيلي، يؤسس لمرحلة جديدة، تتطلب من الدول العربية، تنشيط الحركة الدبلوماسية للاستفادة، من قرار الجمعية العمومية، وممارسة الضغوط السياسية على واشنطن، للتراجع عن قرارها، بنقل سفارتها للقدس، خصوصا في ظل المعارضة العالمية، لمبدأ نقل السفارات، لمدينة القدس، استنادا للقرارات الدولية الداعية، لاعتبار المدينة عاصمة الدول الفلسطينية.
الحكومة الإسرائيلية، حاولت بشتى الوسائل، التأثير على الدول، لرفض التصويت لصالح، رفض القدس عاصمة للاحتلال، او محاولة الحصول على، وعود للامتناع عن للتصويت، للحيلولة دون تمرير قرار الامم المتحدة، بيد ان تلك المحاولات ذهبت ادراج الرياح، الامر الذي يفسر وصف المندوب الاسرائيلي، للدول المؤيدة للقرار ب ”الدمى“، مما يعطي دلالة على الفشل الذريع، الذي لحق بالدبلوماسية الإسرائيلية، في احباط القرار.
الانتفاضة الفلسطينية، تشكل ورقة سياسية ضاغطة، بيد السلطة الفلسطينية، لاستمرار معركتها الدبلوماسية، تجاه القرار الامريكي، خصوصا وان حركة الشارع المعارضة، لرفض قرار البيت الابيض، يمكن استخدامها في مختلف المحافل الدولية، الامر الذي يساعد السلطة الفلسطينية، في حشد المجتمع الدولي، باتجاه الوقوف امام قرار الاعتراف، بالقدس عاصمة للاحتلال، بالاضافة لذلك فان الدعاوى القضائية امام المحاكم الدولية، تمثل احد الأدوات السياسية، المتاحة لابطال القرار الامريكي، لاسيما وان السلطة الفلسطينية، تستند الى القرارات الدولية الداعية، لانسحاب القوات الإسرائيلية، من الاراضي الفلسطينية المحتلة، منذ خمسة عقود.
بالرغم من أهمية قرار الامم المتحدة، بيد ان التعويل على القرارات الاممية، في استعادة الحقوق المسلوبة، لا يمثل سوى اوهام وسراب، فالشعب الفلسطيني لم يحصد من القرارات الدولية، طوال العقود الماضية، سوى مزيد من تكريس الاحتلال، ومواصلة الاستيلاء على الاراضي، والمزيد من الاستيطان، سواء في مدينة القدس، او الاراضي الفلسطينية المحتلة، بمعنى اخر، فان استمرار الانتفاضة الثالثة، تمثل السلاح القادر على استعادة، جزء من الحقوق المغتصبة.