آخر تحديث: 24 / 11 / 2024م - 3:50 م

كنيسة كويتا.. مسلسل التوحش

محمد أحمد التاروتي *

المجزرة التي ارتكبتها داعش، في كنيسة بكويتا الباكستانية، تأتي استكمالا لسجل اراقة الدماء، بمختلف البلدان العالمية، فالتنظيم لم يفرق بين مسيحي ومسلم، وطفل وكبير، ورجل وامرأة، لاسيما وان الفكر الذي يحرك الجماعات الإرهابية، يدعو الى القتل وازهاق الأرواح، الامر الذي يفسر تعطش الارهاب للدماء، وإشاعة الخوف، والتوحش في المجتمعات البشرية.

يحاول داعش من خلال نقل عملياته الإرهابية، لمختلف الدول العالمية إيصال رسائل سياسية، لاسيما بعد الضربات القوية التي تلقاها العراق وسوريا، فالمعارك العسكرية التي خاضتها القوات العراقية، خلال السنوات الثلاثة، ساهمت في تكبيد التنظيم خسائر فادحة، الامر الذي نجم عن القضاء على دولة الخلافة، وسحق التنظيم عسكريا، وبالتالي فان داعش يسعى من خلال العمليات الإرهابية، إعطاء انطباع بقدرته على القيام بالعمليات، رغم الضربات التي تلقاها خلال الأشهر الماضية.

العملية الإرهابية الاخيرة التي استهدفت الكنيسة، في مدينة كويتا الباكستانية، تستدعي التحرك الجاد، لمحاصرة العناصر المتطرفة، لاسيما وان طرد التنظيم من اغلب المناطق، التي سيطر عليها خلال السنوات الأربع الماضية، في سوريا والعراق، اضطرت بعض العناصر للانتشار في بعض البلدان، او العودة لاوطانهم، مما يستدعي وضع خطة استباقية لتوجيه ضربات، لتلك العناصر قبل الشروع، في استهداف دور العبادة، او الأماكن العامة، خصوصا وان تلك المواقع تمتاز بسهولة الوصول اليها، الامر الذي يدفع العناصر الإرهابية لاختيارها، من اجل إيقاع اكبر عدد من الأبرياء.

القضاء على دولة خلافة داعش عسكريا، خطوة هامة في سبيل استئصال هذه النبتة الخبيثة، من المجتمع الاسلامي، لاسيما وان التنظيم الارهابي مارس شتى انواع الاجرام، إبان سيطرته على بعض المدن العراقية والسورية، مما استدعى المواجهة العسكرية للقضاء على تلك العناصر الإرهابية، خصوصا وان تجاهل تنامي الارهاب، يترك اثارا وخيمة على المجتمع البشري، نظرا لاعتماد داعش على مبدأ القتل، والتوحش في سبيل بسط نفوذه، واخضاع الاخرين على الإلتزام بالمبادئ المتشددة، التي يروج لها.

قيام داعش باستهداف الكنيسة في كويتا، ليس أمرا مفاجئا، فقد عمد لاستهداف الكنائس في سوريا والعراق، وكذلك في مصر، وغيرها من البلدان الاخرى، كما ان التنظيم يقوم بممارسات مشابهة، من خلال تفجير المساجد، في مختلف البلدان الاسلامية، بمعنى اخر، فان التركيز على دور العبادة، يكشف نوعية الفكر الذي يغذي عناصر التنظيم، فهذه الجماعة الإرهابية تتعامل مع الجميع بالتكفير، والخروج من ملة الاسلام، مما يدفعها للقيام بتفجير المساجد والكنائس، فضلا عن استهداف الاسواق والجامعات، والمستشفيات وغيرها من الأماكن العامة.

إشاعة السلام والقضاء على الارهاب، يتطلب التعاون على اعلى المستويات، بين الدول العالمية، خصوصا وان التهديد الذي تشكله الجماعات المتطرفة، لا يطال دولة دون اخرى، فالجميع معرض للاختراق من التنظيمات الإرهابية، لاسيما وان الارهاب بات ظاهرة عالمية وخارقة للحدود، مما يستدعي التحرك الجاد، لتقيد حركة العناصر الإرهابية، عبر المراقبة الدائمة، وتبادل المعلومات، بما يحقق الهدف المشترك، ووضع نهاية للارهاب، على المستوى العالمي.

كاتب صحفي