ثقافة التخطيط
يعتبر التخطيط بمثابة خارطة طريق، للإنسان الساعي للوصول الى الهدف المنشود، فالعشوائية لا تجلب سوى الفشل، والضياع، والخروج عن جادة الطريق، الامر الذي يفسر الفرق بين العمل المنظم، والاخر الفوضوي، فالأول يصل الى هدفه باقل الخسائر، وخلال فترة زمنية محددة، فيما الثاني يتخبط شمالا ويميناً في سبيل معرفة الطريق الصحيح، للوصول الى نهاية الجادة، بمعنى اخر، فان عملية التنظيم مرتبطة بثقافة قائمة، على وضع الأمور في نصابها، والابتعاد عن العمل العشوائي، خصوصا وان العقل يحث على التحرك بشكل مدروس، انطلاقا من قاعدة «اعقلها واتكل».
عملية التخطيط للأعمال، سواء كانت صغيرة او كبيرة، تسهم في النجاح، وتحول دون الوقوع في المشاكل، فضلا عن كون الدراسات المسبقة، تساعد في وضع جميع الاحتمالات، سواء عوامل الفشل او النجاح، الامر الذي يقلل من الاثار المترتبة على ذلك، من خلال وضع الحلول المناسبة، لامتصاص تداعيات الفشل، بمعنى اخر، فان التخطيط المسبق، عنصر أساسي لترتيب جميع الاوراق، بما يحقق النجاح، ويساعد على قراءة الواقع الحالي، واستشراف المستقبل، عبر اقتراح العديد من الخيارات، وبالتالي فان بروز عوامل طارئة، او مفاجئة لن تحدث صدمة كبرى، نظرا لوجود الاستعدادات المبكرة لمواجهة المفاجآت.
التخطيط يبدأ في الغالب، من الثقافة الذاتية لدى الانسان، فهناك شخص يتحرك بشكل منظم، بحيث يحسب لك خطوة حسابها، ويحرص على دراسة جميع الاعمال، بشكل دقيق، اذ يقوم بقراءة الظروف المحيطة، وكذلك التعرف على مختلف العناصر، مما يجعله قادرًا على التعامل الاحترافي، مع جميع الخطوات، اذ يعتمد الحذر والتوجس مبادئ ثابتة، في التعاطي مع مختلف الاعمال، مما ينعكس بصورة مباشرة على مسيرة حياته العملية، وبالتالي فان اغلب المشاريع التي ينخرط فيها، تكلل بالنجاح او قليلة الخسائر في أسوأ الحالات.
فيما يعيش إنسان على النقيض تماما، فهو لا يعرف الحياة المنظمة على الاطلاق، اذ يعيش على الهامش، عبر اتخاذ مواقف ردات الفعل، مما يجعله غير قادر، على مواجهة مفاجآت الطريق، الامر الذي ينعكس على شكل مواقف ارتجالية، ومتسرعة وغير مدروسة، بحيث تفتقر للحكمة، والقدرة على الخروج، من المواقف المفاجئة، خصوصا وان غياب الرؤية الناجمة عن الحالة الفوضوية، تلعب دورا أساسيا في الافتقار للقدرة، على توفير أسباب النجاح، بمعنى اخر، فان انعدام التخطيط في المسيرة الحياتية، يحول دون القدرة، على ممارسة الدور المطلوب، بحيث يتعرض للمزيد من المشاكل، ويعيش في دوامة الفشل الدائم.
المرء المنظم في حياته، يصنع الفرق على الصعيد الشخصي والاجتماعي، فهو يحرص على الاهتمام بالوقت، مما يساعده على ترجمة الطموحات والتطلعات، بحيث يتحرك وفق اجندة واضحة المعالم، الامر الذي يسهم في تفويت الفرصة على الاخر، في النيل منه او توجيه ضربة قاصمة، «من تساوى يوماه فهو مغبون، ومن كان أمسه أفضل من يومه فهو ملعون، ومن لم يرى الزيادة في دينه فهو إلى النقصان، ومن كان إلى النقصان فالموت خير له من الحياة».