لماذا لا تكون مشكلاتنا عصرية أيضا؟
تعاني محافظة القطيف من مشكلات بسيطة غير معقدة، لكنها متراكمة وقابلة على إنتاج مشكلات أكبر وأعقد، في المقابل تواجه هذه المشكلات بأداء تقليدي منفصل عن الحاضر ولا علاقة له بالمستقبل من قبل الأجهزة الخدمية، فيشكل هذا الأداء المتواضع - للآسف - قوة جذب نحو الأسفل فتبقي مثل هذه المشكلات السهلة الحل بدون حل، بالرغم من أنها تستهلك كل اهتمامنا بعيداً عن كل ما يجري في بلدنا من تغيير وطموح وتحديات مسؤولين عنها وعن تبعاتها نحن جميعًا.
عندما يعاني شعب بلد ما من مرض الملاريا - على سبيل المثال - فلن نقول أن وزير صحة هذا البلد هو وزير فاشل، بلد سنقول أن البلد كله فاشل لأن هذا النوع من الأمراض لا يتواجد الا في الدول الفاشلة وهو - أي الملاريا هنا - علامة دالة على الدول الفاشلة.
نحن أيضا نريد أن نحل كل مشكلاتنا القديمة والمتواضعة والتي لا ينبغي أن تكون موجودة الان في بلد كبلدنا، لأنها ببساطة سهلة وسريعة الحل هذا أولاً، وثانياً أننا في بلد يزخر بالكفاءات والخيرات الكثيرة وليس منعزل عن العالم، وبما أنه لا مناص من المشكلات عمومًا، لذا فأهلًا وسهلاً بالمشكلات ذات الصبغة العصرية التي تكون علامة من علامات تطورنا وتقدم بلدنا، ومهما كان سيظل أثرها كأي علامة إيجابية يمكن أن نتصف بها.
في ثلاث مقالات منفصلة كتبت ثلاثة مقترحات أراها مترابطة ببعضها، وهي للتذكير:
- إنشاء الهيئة الملكية لتطوير مدينة القطيف.
- إنشاء محطة القطيف للنقل العام والشحن البري.
- حرف مسار أنابيب الغاز والنفط التي تحتجز مساحة واسعة ومهمة من أراضي المحافظة وتمنع النمو والتمدد العمراني الطبيعي للقطيف من جهة الغرب.
قد أكرمني بعض الأساتذة الأعزاء بعدد من الملاحظات والإضافات الرائعة التي تمنيت لو اضفتها لهذه المقترحات، ولكن حسبي أن ما كتبته كان محل استحسانهم، وأن تلك الملاحظات لم تكن بعيدة عن الهدف العام.
اليوم لدينا رؤية وبها مجموعة من المبادرات والطموح الكبير على غرار مشروع نيوم وما سبق الإعلان عنه من مشاريع، وهي لا تعبر الا عن طموح عال وهمم متقدة تعانق السماء، ومجرد الإعلان عنها يضع كل الأجهزة الحكومية - واقصد هنا الأجهزة الخدمية في المحافظة خصوصاً - في موقع التحدي، بدءً من تحدي الأداء والنمط الحالي المتوارث الذي لم ينتج ما يمكن أن يرقى لمستوى الطموح أو التحديات الحالية فضلا عن المستقبلية.
ونحن على وشك توديع واستقبال عام أخر، يظل الأمل معقودا دومًا في أن ينتقل أداء الأجهزة الخدمية في المحافظة إلى الاعتماد في الأداء على المبادرات لا الشكاوى، وعلى آليات العمل ذات الجودة التي تحقق الرؤى والأهداف وليس ردود الفعل المؤقتة، والي القيم العالية والمبادئ النبيلة وليس الممارسات المتخلفة وغير المهنية.