آخر تحديث: 24 / 11 / 2024م - 3:50 م

اليوم العالمي للتطوع في أرض الحضارات

عبدالله الحجي *

بمناسبة اليوم العالمي للتطوع تشرفنا بزيارة أرض الحضارات في جبل القارة لنقضي أجمل الدقائق مع مبادرة «طور - طوع» مستمعين لمختلف المجالات التطوعية المتنوعة. في كل ركن تشاهد أشخاصا نبلاء نذروا أنفسهم لخدمة غيرهم، تستمع إليهم وهم يشرحون بحماس تغمر صدورهم البهجة. كل منهم يحترق كالشمعة لتضيء دروب الأخرين وتدخل على قلوبهم السعادة وترسم الإبتسامة على شفاههم، ولايرجون من مخلوق مقابلا لذلك. شخصيات يحق لأحسائنا المعطاءة التي ولدتهم أن تفخر بهم نظير خدماتهم الجليلة للمجتمع والوطن.

شخصيات نذرت نفسها للإبداع والتنوع والتميز في الخدمات التطوعية. شخصيات بادرت وتفننت في البحث عما تستطيع تقديمه للمجتمع ومايتوافق مع رغباتها وميولها وتخصصها ليكون خالصا لوجه الله تعالى. مجالات التطوع واسعة غير محدود وساحة التطوع مفتوحة لكل من لديه رغبة، وليست حصرا على فئة معينة. لقد أثلج صدورنا الاهتمام بفئة الأطفال والشباب للانخراط في مجالات التطوع منذ الصغر لأنهم سيتربون على ذلك وسيجري العمل التطوعي في عروقهم ليتولوا زمام الأمور والقيادة مستقبلا. وكم هو جميل بأن يُستثمر في الطاقات والكفاءات وتنميتها وإتاحة الفرصة لها والاعتماد على الدماء الجديدة لتبحر وتبدع وتتميز بما تملكه من أفكار للتجديد والتغيير، ويستفاد من تجارب وخبرات المؤسسين في مجالس الإشراف والاستشارة.

ثقافة التطوع تختلف من مجتمع إلى آخر ويتجلى ذلك بمقارنة نسبة المتطوعين إلى غير المتطوعين. بعض المجتمعات تزخر بعدد كبير من الطاقات والكفاءات المتطوعة بينما مجتمعات أخرى تشكو القلة ويتمركز التطوع فيها حول كوكبة محدودة تتكرر وجوههم في كل نشاط وفعالية بينما يعيش الآخرون في عزلة متفرجين وكأن الأمر لايعنيهم بشئ. وهنا يكمن دور نشر الوعي والثقافة وتوضيح أهمية التطوع وما له من أثار ونتائج ايجابية لسمو المجتمعات ورقيها وتكاملها وتكاتفها لتنشئة جيل من الفتيات والشباب الواعدين في مجتمع يسوده الألفة والمحبة والتلاحم والإنسانية.

من أراد أن يستمتع بطعم الحياة ويعزز من قيمته الدنيوية والأخروية فليبادر ويبحث عن أي مجال تطوعي ويكون في قائمة المتطوعين مخصصا ولو جزءا يسيرا من وقته في التخصص الذي يلائمه. البعض قد يتعذر بانشغاله أو عدم توفر مايروق له ويتناسب مع رغباته وميوله من الأعمال التطوعية ولكن ماذلك إلا أعذار واهية ليبرر لنفسه ويخليها من المسؤولية. مَن سنحت له الفرصة للتجول بين مختلف الأركان تحت هذه الفعالية، والاطلاع على الأعمال التطوعية في الساحة الخارجية يدرك العدد الكبير من المحطات والفرص الكثيرة المتنوعة التي تمكن كل شخص من المشاركة. فعلى سبيل المثال - لا الحصر - المؤسسات واللجان والفرق الأهلية الدينية والاجتماعية والأسرية والتنموية والثقافية والصحية والتعليمية والرياضية والبيئية، جمعيات البر، جمعية فتاة الأحساء، برامج الاسعافات الأولية والتثقيف الصحي، انقاذ حياة، مبادرات التشجير وتنظيف الحدائق،، برامج التبرع بالدم، تنظيم وتنسيق الحفلات والمناسبات، دروس تقوية للطلاب، مساعدة الملتحقين بالجامعات، تفعيل الاستفادة من الكتب، المحاضرات والندوات والمقالات، رعاية كبار السن والاهتمام بشؤونهم، تفعيل برامج الأسر المنتجة، مهرجانات الزواجات الجماعية، الاستشارات الأسرية، إصلاح ذات البين، حفلات ترفيهية، حفظ النعمة وإطعام، دعم الأسر المنتجة، مراكز إكرام الموتى وغيرها الكثير الكثير حتى وإن كانت صغيرة في حجمها إلا أنها كبيرة في قيمتها.

هنيئا لمن تقلد وسام التطوع وشرف هذه الخدمة التي تعد رحمة من الله ونعمة من نعمه كما ورد عن الحسين بن علي : «إن حوائج الناس إليكم من نعم الله عليكم فلا تملوا النعم». ربما يكون الحافز الرئيس للغالبية العظمى ممن سلكوا طريق التطوع هو من منطلق الإنسانية والشعور بالسعادة عند رسم الإبتسامة على وجوه الغير. ولكن حاشى أن يضيع شئ بساحة الله جل وعلا لمن شارك في خدمة الناس وقضاء حوائجهم وإدخال السرور عليهم كما ورد في العشرات من الأحاديث الشريفة التي توضح الثواب الجزيل. قال رسول الله ﷺ: «الخلق عيال الله، وأحب خلقه إليه أنفعهم لعياله»؛ وقال: «من سر مؤمنا فقد سرني ومن سرني فقد سر الله».