المجتمع وقضايا النزاع والانتاج
منذ تدشين التواصل الاجتماعي وتعدد تطبيقاته، وجدت الكثير من ابناء المجتمع منغمس حتى قمّة راسه في التعلق والمتابعة والدردشات المتعددة والتصفح و... و...
كنت اتساءل مع نفسي من اين يأتي اولئك الناس بكل هذا الوقت. واتابع تساؤلاتي بسؤال رديف كيف يستطيعون ان يساهموا في الانتاج الاسري والاجتماعي اذا ما كانوا منغمسين بشكل يكاد ان لا ينفكوا عن اجهزتهم وانحيازاتهم الصارخة.
طبعا وقفت على شؤون بعضهم وكانوا متقاعدين ومتفرغين، وكان البعض منهم عاطلين عن العمل، وهذا وذاك يفسر حجم الوقت المتاح لهم للانكباب على الدردشات الاجتماعية. ولكن في تفحص اكثر لعينة من القروبات وجدت ان اكثر اعضاءها موظفين ويُغلب عليهم الاكاديميون. فتلمست من قرب واقع بعضهم، فوجدت ذاك البعض بين مُهمش في العمل او مغضوب عليه او مغتصبة حقوقه او يأس من التغير في موقع عمله او وصل لطريق مسدود في ترقيته ونموه الوظيفي او انه منخرط في عمل روتيني او لدى البعض منهم طاقة زائدة او يُشغل بمستوى ادنى من كامل طاقته. فقلت سبحان الله: كيف لهكذا قضايا ان تُحجب عن العلاجات والطرح والتداول بين قروباتهم لإعادة توجيه تلكم الطاقات النابضة لما يخدم انفسهم ومجتمعاتهم وفي المقابل يشتغلون في قضايا زيد وعبيد من القضايا الهامشية لتضخم وهي في الاصل ذات غير نفع او جدوى. ثم تسألت: من لا يُدافع عن قضاياه الذاتية كيف له ان يتبنى قضايا الاخرين؟!
”الهروب للأمام“ تعبير سائد في عالم السياسة وهو كنايه عن فشل ايجاد حلول لازمات قائمة منذ مدة طويلة والذهاب لمستنقعات مشاكل اخرى دونما بوصلة او خارطة طريق. واعتقد ان البعض هكذا يتعاملون مع قضاياهم الراهنة. وبذلك التأمل يبدو لي تم فك لغز الاستهلاك الزمني الكبير لبعض تلكم الفئات في القضايا الهامشية وتجنب ايجاد الحلول للمسائل المصيرية الحياتية. وبقيت الغاز اخرى عن سلوكيات انسان هذه او تلك المنطقة احاول ان استقراءها ما تهيئ لي الزمان والفرصة بإذن الله. وأسال الله ان يوظف اصحاب الكفاءات طاقاتهم لما يخرج ابناء مجتمعاتهم من الدهاليز المظلمة والصراعات المتعددة الى وحدة الصف وحسن الاحترام ومعالجة القضايا الكبرى والمصيرية.