آخر تحديث: 19 / 5 / 2024م - 8:02 م

البحث عن دور القطاع الخاص المحلي.. وسط الزحمة!

الدكتور إحسان علي بوحليقة * صحيفة مال الإلكترونية

بعد إعلان الرؤية السعودية 2030 وبرنامج التحول الوطني 2020 وبرنامج تحقيق التوازن المالي 2020، ما هي الخيارات المتاحة الآن لتجنيب اقتصادنا الوطني الآثار «الانسحابية» لتقلص إيرادات النفط المتزامن مع ضعف النمو الاقتصادي، إضافة لما تبينه الإحصاءات منذ بداية العام، من انكماش مؤشر الأسعار، وهو أمر يعزز القوة الشرائية للريال في جانب لكنه إن استمر فقد يكون مؤذياً للحيوية الاقتصادية، ومن ثم للنمو، وما قد يعني ذلك - إذا ما استمر - تراجع الطلب على السلع والخدمات وعلى اليد العاملة وانخفاض الاستثمار نسبة للناتج المحلي الإجمالي، بما في ذلك تكوين رأس المال الثابت نتيجة لتراجع الانفاق الرأسمالي.

وتحوطاً للحد من تنامي الدَين العام نسبة للناتج المحلي الإجمالي، إلا في أضيق الحدود، لاسيما أن العجز المقدر للعام المالي 2017 يبلغ 198 مليار ريال متراجعاً عن مستويات العام الذي سبق بحدود الثُلث.

وماذا عن القادم من الأيام؟ المتوقع - وفقاً لما هو معلن - أن تكون ميزانية العام 2018 توسعية، بمعنى أن الحكومة ستنفق المزيد من المال، وليس واضحاً ماهية الآلية «الآليات» التي ستضخ السيولة في أوردة الاقتصاد السعودي، كما أن برنامج تحفيز القطاع الخاص المنصوص عليه ضمن برنامج تحقيق التوازن المالي، من المتوقع أن ”يُقلع“ في العام 2018، إضافة إلى أن العام 2018 سيشهد تأثير إعادة هيكلة وتمديد برنامج التوازن المالي، وبدء تطبيق ضريبة القيمة المضافة.

وبداهة، فسيكون غاية في الصعوبة أن ننفق أكثر من إيراداتنا عاماً بعد عام، ولاسيما أن المملكة بذلت جهداً كبيراً للخروج من دائرة الدين العام المرتفع الذي بلغ في وقت من الأوقات قيمة الناتج المحلي الإجمالي. وبالقطع، لا يطمح أحد للعودة لتلك الكَرة؛ ديون وسداد ديون والمبالغ المترتبة عليها لتنافس بناء المدارس والمستشفيات. كما أن لا أحد يطمح للعودة مرة أخرى للتوقف العملي لبرنامج استكمال وتحديث البنية التحتية، الأمر الذي جعلنا نستأجر آلاف المدارس ونعاني نقصا في جوانب عدة منها الخدمات الصحية والصرف الصحي، على سبيل المثال لا الحصر.

إن ما حققته المملكة خلال العشر السنوات الماضية من إنفاق رأسمالي ضخم توجه للبنية التحتية ولزيادة السعة الاقتصادية، أدى لرفع نسبة الاستثمار إلى الناتج المحلي الإجمالي من 18 بالمائة إلى نحو 28 بالمائة، وباعتبار أن بناء سعة اقتصادنا الوطني أمر لا يمكن أن يتوقف أو حتى يتباطأ، فالمعول على برنامج التحول الوطني 2020 تحقيق شراكة جديدة مع القطاع الخاص، تؤدي لجعل الانفاق الحكومي أعلى كفاءة، وتتيح للقطاع الخاص دوراً اقتصادياً أكثر حيوية، يوازن بين تطلعات «الرؤية السعودية 2030» المالية والاقتصادية في آنٍ معاً.

وهذا يعني أن يحظى اقتصادنا المحلي بالمزيد من التدفقات الاستثمارية، مقابل إيضاح أبعاد الشراكة مع القطاع الخاص، وإضفاء أعلى مستويات الشفافية والحوكمة عليها، تماشياً من الاقتصاد السعودي الجديد الذي نسعى لبنائه، ليس فقط من حيث استحداث أنشطة اقتصادية وإضافتها لتوليد قيمة، بل كذلك من حيث الممارسات القائمة على حماية المنافسة ومنع الاحتكار وجعل الأسواق في المتناول.

كاتب ومستشار اقتصادي، رئيس مركز جواثا الاستشاري لتطوير الأعمال، عضو سابق في مجلس الشورى