ثقافة الخرافة
تمثل الخرافة جزء من الموروث الثقافي، لمختلف الشعوب على المستوى العالمي، بيد ان الاختلاف يمكن في مدى تسرب الخرافات، في المفردات اليومية، والسلوكيات لدى تلك الشعوب، فهناك مجتمعات تعطي الخرافات مساحة واسعة، في تشكيل الإطار الثقافي، مما يجعلها مترسخة في وجدان العديد من الشرائح الاجتماعية، مما يجعل عملية اقتلاعها صعبة، وتواجه بمعارضة قوية للغاية، الامر الذي يفسر الصراع الكبير بين الحقائق العلمية، والموروثات الخرافية، ﴿قالوا بل وجدنا آباءنا كذلك يفعلون﴾.
بينما تقف بعض المجتمعات، على الطرف النقيض تماما، فهي لا تتورع عن رفض جميع الموروثات الثقافية، كونها جزء من الخرافات المتوارثة، بحيث تضع العقل والعلم سيفا مسلطا على رقاب الجميع، وبالتالي فان محاولة إبراز بعض الحوادث التاريخية، تمثل مخاطرة كبرى، نظرا لوجود تيار معارض يعتمد سياسة ”التسفيه“، معيارًا ثابتا في التعاطي مع الدعوات الداعية، للاستفادة من الموروث القديم، لاسيما وأنها جزء من هوية المجتمع، الامر الذي يجعل دعاة العودة للقصص التراثية، في زاوية حادة بالمجتمع، جراء عدم القدرة على البوح، بما يدور في الخواطر.
التعامل غير المتوازن، يمثل مشكلة قائمة في التعاطي للحذر، مع الكم الهائل من الموروث القصصي، فالتعاطي الأعمى وتقبل كافة الخرافات المتوارثة، دون إخضاعها لميزان العلم، وعرضها على العقل، يدخل تلك المجتمعات في مشاكل كبيرة، اذ تمثل سيطرة اصحاب الدجل، والكذب، احد ابرز تلك المشاكل المستعصية، فهذه النوعية من الكذابين تستغل القناعات غير المتوازنة، في نشر الخرافات، من اجل تنظيف جيوب الاخرين، والتسلق على اكتاف الاخرين، عبر ترويج الكثير من الخرافات، التي ما انزل بها من سلطان.
كما ان محاولة إظهار العضلات، وسد الأبواب، امام الاستفادة من الموروث الثقافي، لا يخدم المجتمع، فهناك العديد من الحوادث يقف العلم حائرا في تفسيرها، ويتعطل العقل أمامها، وبالتالي فان الفشل في إيجاد التفسيرات بشأنها، لا يعني رفضها، او محاربتها، كونها جزء من الخرافات، التي تتناقض والحقائق العلمية، لذا فان أنصار محاربة الموروث الثقافي، يتحركون وفق مرئيات بعضها صائب، والبعض الاخر خاطئ، الامر الذي يستدعي التوقف كثيرا امام الدعوات، التي تطلقها في وجه التيار المؤيد الموروث الثقافي القديم، باعتبارها ”كلمة حق يراد بها باطل“، لاسيما وان الغايات المرسومة، لبناء سد منيع امام دعوات الاستفادة، من الموروث الثقافي القديم، تتجاوز المفردات التي تتوارى خلفها، فهي تتحرك باتجاه النسف الكامل للموروث الثقافي، بغطاء محاربة الخرافات، التي سيطرت على المشهد الثقافي، في المجتمع منذ عقود طويلة.
مناصرة الخرافات دون تمحيصها خطأ فادح، ويقود الى جر المجتمع الى طريق محفوف بالمخاطر، لاسيما وان بعض الخرافات نسجت بواسطة أيادي مجهولة، ولا يمكن التعرف على أهدافها، الامر الذي يقود الى تخدير بعض الشرائح الاجتماعية، بدعوى التواري خلف البطولات الخارقة، والقدرات الخارقة، لتلك الشخصيات في الانتصار للحق، والقضاء على الباطل، كما ان الانتصار للعلم والعقل، ينسجم مع دعوة الخالق ”فاعتبروا يا أولي الالباب“، بيد ان إيجاد حالة من التوازن المقبول حالة صحية، ولا تشكل تهديدا لمرتكزات، وثوابت المجتمع، وتغليب الحقائق العلمية.