آخر تحديث: 21 / 11 / 2024م - 3:01 م

يا عليْ فرج.. قُلْ، ولا حرَج...! وعلى المدّعي البيّنة..

حبيب محمود *

حتى من قبل أن يجلس على منصّة منتدى الثلاثاء مساء البارحة؛ حملت رسائل الواتساب تسريباتٍ عن نشوء موجة امتعاض ضدّ الشيخ علي الفرج، ترتيباً على نتائج كتابه ”العباس بن علي.. بين الأسطورة والواقع“. ولم تكن احتقانات اليوم وتداعياتها؛ إلا استئنافاً لهجوم معمّمين على واحدٍ منهم..!

سهم العباس

المتوقّع من معمّمٍ مصقول في حلقات الحوزة؛ أن يكون نسخة عن جامعي السيرة المتأخرين. نسخة مطوّرة في الحدّ الأعلى. نسخة تجميعية تبويبية تُمرّر ما وصل إليها من قصص القرون المتأخرة وحكاياتها. لكنّ المعمّم؛ خيّب آمال كثيرين. ثمة معمّم صديق، هو الشيخ محمد سعيد المناميين، وصفه بأنه ”أصاب العباس بسهمٍ كما أصابه حرملة“، في إشارةٍ إلى قصةٍ غير موجودة تاريخياً إلا بعد القرن العاشر الهجري. ومقصود القصة أن الشيخ الفرج رمى العباس بن علي، ، بسهمٍ كما رماه حرملة بن كاهل..!

منتدى الثلاثاء

ثمة معمّم آخر هو الشيخ منصور السلمان؛ تفتّقت شهيته على منتدى الثلاثاء نفسه، فأمسك بطرفٍ كلمة قالها الشيخ الفرج على منصته، ووجد فيها الشيخ السلمان تفسيراً مُسيئاً للمرجعية. على أن كلمة الشيخ الفرج قابلة للحمل على غير ما ذهب إليه الشيخ السلمان، وأنا أحد حضور المحاضرة، وموثّقيها أيضاً. وأستطيع الاطمئنان إلى أن تفسيرات الحانقين بعيدة جداً عن مقصود الشيخ، إلا عند من لديه رغبة صميمة في التشنيع...!

استقصاء مصادر

هذا النوع من الردود يقدّم إثباتاً صريحاً وواضحاً على مماحكات مجادلين يردّون على مؤلفٍ قبل أن يقرأوا كتابه. مشروع الكتاب قائم على استقصاء المرويات من مصادرها الأولى. والمصادر الأولى غير موجودة إلا في القرن الهجري العاشر، وما بعده. وهذه المصادر تتحدث عن واقعة كربلاء، وواقعة كربلاء حدثت في القرن الهجري الأول. قرون هائلة تفصل بين الحدث والمصدر. هذا هو مشروع الشيخ في كتابه.. التحقيق في المرويات..!

الممتعضون من نتائج التحقيقات التاريخية؛ لا يمكنهم تحمّل مثل هذا الصعق الباغت. بل لا يمكنهم استيقاف تحقيق واحدٍ والردّ عليه. إنهم يردّون على ما يجهلون، و”الناس أعداء ما جهلوا“. وما يجهلونه عن الكتاب أوسع بكثير مما يعرفونه. وعليه؛ فإن معضلة الشيخ علي الفرج؛ ليست مع من يقرأ ويناقش، بل من لا يقرأ أصلاً، ومع ذلك يريد أن يناقش ويتحدث ويردّ ويستدلّ ويحتجّ على كلامٍ لم يقله الشيخ..!

على المدّعي البينة

منهج الفرج واضحٌ جداً. يأتي إلى القصة، ويستقصي مصادرها، إلى أن يصل إلى مصدر الأول، وعلى هذا يبني النتيجة. يعرُض دعواه ويقدّم بينته. هذا المنطق لا يُرضي كثيرين يردّدون، كل يوم، قول ”على المدّعي البيًنة“. أعصابهم أضعف من أن تُصدَم بدليل يكشف ما لا يعرفونه، ولا استعداد عندهم لأن يعرفوا. ويزعمون أنهم ”يميلون مع الدليل حيث يميل“...!

شديد الخطورة

ذات محادثة واتسابية؛ سألني الشيخ الفرج عن رأيي في كتابه. قلت: إنه شديد الخطورة.. فعلاً إن كتاب ”العباس بن علي.. بين الأسطورة والواقع“ شديدة الخطورة على من يُريد لسيرة الحسين العظيمة أن تكون بمستوى سيرة أبي زيد الهلالي وعنترة بن شداد، في مضامينهما الأسطورية ومستواهما الفني. المتضررون من دحض الخرافة عن التاريخ كُثرٌ، ومصالحهم متشابكة وملتبسة باستمرار تمرير الخرافة وسَوقها عبر المنابر بصفتها شأناً دينياً.

الكتاب شديد الخطورة فعلاً، وشجاعة الشيخ مخيّبة لآمال، ومُعارضة لمصالح، وناسفة لأوهام راسخة..!