آخر تحديث: 24 / 11 / 2024م - 3:17 م

جمعياتنا والعمل التطوعي

جمال الناصر

همسة: وجودك في الجمعيات الخيرية متطوعًا، ليس معناه أن لا تكون متميزًا في أداء مسؤولياتك باحترافية ونوعية، مستندًا على أنه عمل تطوعي لا أكثر.

تمثل الجمعيات الخيرية في أي زاوية من زوايا عالم الإنسان والحياة الاجتماعية، فسحة خضراء، يتغنى بها العمل التطوعي، وتشد فيها الخطوات، للإنسان المتطوع. ثمة شيء، يختلج بذاتية الإنسان المتطوع، سعيًا في الارتقاء النفسي والذاتي، حقيقة قد يظن البعض، أن العمل التطوعي، يمنح الإنسان ”برستيجًا“، يزيد الإنسان مكانة اجتماعية، ليحرز في منظوره لونًا، يُفرده عن الآخرين. إن العمل التطوعي، يعد تكاملاً ذاتيًا، شرفًا يتقلده الإنسان - المتطوع -، بكونه صادقًا مع الآخر - الإنسان -، كذلك المجتمع. وعطفًا على الجمعيات الخيرية، التي أخذت على عاتقها خدمة المجتمع بكل أطيافه وفئاته، حيث أنه لا تستغني بالضرورة عن مشاركة الآخر - الإنسان -، إلى الحالة النقدية الإيجابية منها، بعيدًا عن لغات الازدراء والتهميش، الداعية إلى إسقاط الآخر أو إقصاء مكون من مكونات المجتمع..

إن تفعيل العمل التطوعي في بوتقة الجمعيات الخيرية، تفعيلاً ثقافيًا، لا يخبو أن يكون وعيًا فكريًا، قبل أن يأتي عملاً ميدانيًا ضمن اللجان. ينبغي حقيقة لا مجازًا، أن تسعى  جمعياتنا الخيرية -، إلى تثقيف العاملين فيها، على ماهية العمل التطوعي، وكيفيته، مقوماته وأسسه، الحالة النفسية، التي يكون علها المتطوع، كذلك أن يرسخوا مبدأ الشكر، بألوانه المختلفة، لتعانقه بأصابعها، لتخط عبارة ”العمل التطوعي“، بأحرفها الكلية، لا باحتوائها على الجزئية، التي تبعث على التعفن، لتزكم الأنوف رائحتها. وعليه فإنه لمؤكد أن العمل بلا ثقافة تطوعية، تختزل الذات والفكر، لتبزغ عملاً حقيقيًا، جهدًا في غالبيته ضائع، إذا ما تم دراسته من خلال النتائج بشكل علمي.

إن أرادت - جمعياتنا الخيرية -، أن ترتقي سلم التطور في تقديم خدماتها في المجتمع -، في ما يخص الجانب التطوعي -. ومما لا يدع مجالاً من الشك، أن توفير البيئة المناسبة، التي تجعل من نوعية المنتج جدلاً، لأمر طبيعي - منطقي -. وعليه أن تقدم عملاً تطوعيًا، فإنه جميل بذاته، لكن الأجمل، أن تقدم عملاً تطوعيًا متميزًا، في جعبته نتائجًا نوعية. وعليه ينبغي على جمعياتنا الخيرية  لطفًا لا أمرًا ، أن تتعامل مع المتطوع من جهة، والأسر المستفيدة من خدماتها من جهة أخرى، تعامل الاستثمار في المنتج، أليس ثمة خيارات، تكون ناضجة النتائج في تفعيل لغة استثمار الأفراد والكفاءات ‘ في الأسر المستفيدة أو المتطوعين أو الموظفين على حد سواء، وإخضاعهم لبرامج تعليمية بمختلف التخصصات والهوايات وتنميتها، ليكونوا مستقبلاً من الروافد المالية لأسرهم، بدلاً من الإعانة، التي تقدمها لهم الجمعيات الخيرية، حيث تستمر لسنوات بدون استثمار لما يتمتع به أفراد الأسر المستفيدة، كذلك من الروافد التطوعية والوظيفية، التي تتمتع بالكفاءة والجودة، التي لها الإيجابية على كل الأطراف.

ومن نافلة القول، أننا بحاجة ماسة في بث القناعات في الأدمغة، الأدمغة من لها سنوات، تقتات على النمطية الكلاسيكية في التفكير، منذ زمن ولازالت. إن الإيمان بوجود المشكلة أولى الخطوات في تغيير منهجية التفكير، لتحل مكانها الحداثة في علاج المشكلة  إن وجدت لا سمح الله ، لا ”التأقلم“، معها ووضع الأساليب، التي تنتهج المنفعة الوقتية لا استمرارية المنفعة. وعليه فإن الجمعيات الخيرية إذا ما اجتهدت في بث القناعات المؤدية سبيلاً، لتطوير الحالة، حقًا سنبصر النتائج الطيبة النوعية. إن ”البلادة“ في مواجهة الواقع وعدم المبادرة بفتح الشرفات، ليدخل الضوء، سنظل في العتمة، والخيارات ”مكانك سر“.

لا يوجد في الذاكرة منذ بدأت الجمعيات الخيرية في ساحنا، إلا أن نسمع، ونقرأ، نبصر أن كل العاملين في ساحها، أضافوا الكثير مما جعلها تتقدم خطوات، اجتهدوا، صبروا الصبر الجميل، أخذوا من وقتهم ووقت أسرهم، اقتطفوا الأفكار من نخيلات بساتينهم، كل ذلك وسواه في سبيل خدمة مجتمعهم، وتخفيف آلامه وآهاته، ليبلسموا أناتهم وجراحهم، ليمسحوا على جبين اليتم. نعم ومع مرور السنوات، تتطور الخدمات تباعًا وعطفًا، تزامنًا مع تطور العصر. إن القادمين، لإكمال ما بدأه الآخرون من سبقوهم . إذا ما انفتحوا على الآخر، كذلك تزودوا بالأمل والطموح، وعشقوا خدمة المجتمع بكل لغات الحب والإنسانية، سيكون الإبداع بوصلتهم وبيئتهم. شكرًا لكل جمعياتنا الخيرية ولكل إنسان، يخدم مجتمعه، ليرتقي وصولاً للقمم الشماء.