البو كمال.. الورقة السياسية
اضافت دمشق ورقة سياسية، تضاف الى مجموعات الاوراق، التي اكتسبتها خلال الأزمة المستعرة، منذ 2013، فالحسم العسكري في اخر معاقل داعش في الارض السورية، وضع النظام في موقع قوي للغاية، خصوصا وان الميدان يلعب دورا حيويا في المفاوضات السياسية، الهادفة لانتهاء الصراع العسكري القائم.
توقيت تحرير مدينة البوكمال، يخدم دمشق في الاجتماع القادم في جنيف، فهي ستدخل الجولة القادمة مع المعارضة، وفي يدها ورقة قوية للغاية، خصوصا وان المعركة أدت للقضاء على دولة التنظيم الارهابي، مما يجعلها في موقع فرض الشروط، والتمسك بالمواقف، لانتزاع المكاسب من المعارضة، لاسيما وان أطراف المعارضة تعيش حالة من الانقسام، والخلافات الجانبية، بشأن توحيد المواقف، والاتفاق على الخارطة السياسية القادمة، الامر الذي يَصْب في مصلحة النظام، باستغلال الانتصارات العسكرية، واستعادة السيطرة على مساحات واسعة، من الاراضي من داعش، بالاضافة للاستفادة من حالة الانقسام، في جسم المعارضة، وتباعد المواقف، فيما يتعلق بسيناريو المرحلة السياسية القادمة.
دمشق تحاول تجيير الانتصارات العسكرية، في رسم ملامح المرحلة القادمة، لاسيما وأنها تدخل المفاوضات، بموقف قوي على الارض، الامر الذي يدفعها لفرض إيقاعات جولات المفاوضات القادمة، ومحاولة استخدام الورقة العسكرية في المسار السياسي القادم، بمعنى اخر، فان جولة جنيف القادم ستختلف عن الجولات السابقة، جراء التحولات العسكرية المتلاحقة، اذ مثلت معركة جلب تحولا استراتيجيا في الصراع العسكري، مما مهد الطريق امام سلسلة الهزائم للجماعات المسلحة، الامر الذي تمثل في تسريع الانهيار العسكري، لدولة داعش في جميع المناطق، التي احتلتها منذ 2014.
الحديث عن قرب إنهاء الأزمة السورية، ليس واقعا في المرحلة الحالية، فالمواقف المتباعدة للاطراف الفاعلة في الأزمة، تجعل من عملية الوصول الى حلول سياسية غاية في الصعوبة، بمعنى اخر، فان الطبخة السياسية، التي تشرفها عليها العديد من الاطراف اللاعبة، لم تنضج حتى الوقت الراهن، وبالتالي، فان الجولة القادمة لن تفضي الى حلول عملية، خصوصا في تباعد وجهات النظر بين النظام والمعارضة.
التحول التركي الملموس في الأزمة السورية، والسير باتجاه الحلول السياسية، مرتبط بالتحولات العسكرية على الأرض، بالاضافة للمخاوف التركية من تحركات أمريكا، في دعم الأكراد في سوريا، الامر الذي يشكل تهديدا حقيقيا لبلادها في المرحلة القادمة، بمعنى اخر، فان التقارب التركي - الروسي - الإيراني، بشأن الأزمة السورية ينطلق من أهداف مختلفة، ومخاوف من تحركات الولايات المتحدة، وبالتالي فان اجتماع وزراء خارجية، تلك الدول في مدينة أنطاليا التركية، يهدف الى تنسيق المخاوف، وتسريع المساعي السياسية، خصوصا وان القضاء على داعش، أعطى زخما قويا للدفع بعجلة، الحلول السياسية في المرحلة القادمة.