تحرير راوة.. الرصاصة الاخيرة
لم تمض ساعات قليلة، على إطلاق العملية العسكرية، لطرد داعش من اخر المعاقل، المأهولة بالسكان في الاراضي العراقية، حتى استكملت القوات العراقية مهمتها بشكل كامل، حيث سجلت المعركة انهيارا سريعا ولافتا للتنظيم الارهابي، اذ تمكنت الاجهزة الامنية العراقية، من تحطيم خطوط الدفاع، لداعش بصورة خاطفة، الامر الذي يعطي دلالات عديدة على حجم الخسائر، التي تكبدها التنظيم في مختلف المعارك، التي خاضها خلال السنوات الثلاث الماضية، مما يمهد الطريق امام انتهاء أسطورة التنظيم الارهابي، الذي ملأ الدنيا قتلا وذبحا، منذ بروزه على الساحة الدولية، مع انتشار الفراغ الأمني، في بعض الدول العربية.
ان التقهقر الكبير لتنظيم داعش، في مختلف المدن التي احتلها في العراق، مرتبط بالتطور اللافت للقوات العراقية، خلال السنوات الثلاثة الماضية، فقد استطاعت بغداد بناء منظومة أمنية قوية قادرة، على مقارعة الارهاب، الامر الذي تمثل في تحقيق الانتصارات المتتالية، في الحرب الدائرة مع داعش، في جميع المعارك العسكرية، خصوصا وان معركة تحرير الموصل، شكلت مفصلا تاريخيا، في بداية النهاية للتنظيم الارهابي في العراق، نظرا للفترة الزمنية التي استغرقتها العملية، مما أدى لمقتل ابرز القيادات العسكرية، وفقدان التنظيم للخزان البشري القادر، على مواصلة التمدد او البقاء، في المناطق الواقعة تحت سيطرته.
الجهود التي بذلتها حكومة بغداد، منذ سيطرة داعش على مساحات واسعة من العراق، لعبت دورا كبيرا في تحقيق الانتصار الكامل على الارهاب، بالاضافة لذلك فان فقدان داعش للبيئة الحاضنة، ساهم بدوره في تسريع الانكسار العسكري، في مختلف المعارك الحربية، التي دارت مع القوات العراقية، فالممارسات الوحشية والقرارات غير الانسانية، مهدت الطريق امام سكان المناطق الواقعة، تحت نفوذ التنظيم لتوسيع الفجوة بين الطرفين، الامر الذي تمثل في اخفاق داعش في استقطاب المزيد، من العناصر، للانخراط في المعارك العسكرية، على مختلف الجبهات.
تنظيم داعش يعيش حاليا أسوأ مراحل حياته، فمرحلة الرخاء وبث الخوف، ذهبت بدون رجعة، جراء فقدانه للكثير من الموارد المالية، التي كانت تساعده على تمويل إرهابه، في المناطق التي يسيطر عليها، بمعنى اخر، فان عمليات قطع الرقاب والحرق، ستتراجع كثيرا في الفترة القادمة، نظرا لفقدانه القدرة الإعلامية، لبث مثل هذه المقاطع الفظيعة من جانب، ومن جانب اخر نتيجة مقتل غالبية العناصر العاملة، في الاعلام من جانب اخر، فضلا عن محدودية المناورة لدى داعش في الفترة الراهنة، جراء الملاحقة المستمرة لقيادات التنظيم، من قبل الاجهزة الامنية العراقية، مما يحول دون القدرة، على انتاج أفلام الرعب كما في السابق.
داعش فقد الكثير من الموارد المالية، التي سيطر عليها منذ سيطرته على مساحات واسعة، سواء في العراق او سوريا، فعمليات تهريب النفط على نطاق واسع، لم تعد متاحة حاليا، نظرا لطرد التنظيم من تلك المواقع نتيجة الهزائم المتلاحقة، في جميع المعارك التي يخوضها، فالتنظيم خسر كافة موارد مالية ضخمة، خلال السنوات الثلاث الماضية، بفعل تهريب شحنات النفط عبر الحدود التركية، بأسعار زهيدة للغاية، فضلا عن الاموال التي يجنيها، جراء بيع الاثار في العراق وسوريا، بواسطة جهات متخصصة في تهريب الاثار.