نشوز الزوج
عبر الشارع المقدس عن تقصير أحد الزوجين في أداء حقوق الآخر بالنشوز، فلو عمدت الزوجة إلى الإمتناع عن إعطاء زوجها حقه الطبيعي مثلاً، أو خالفت أوامره وصفت بالناشز.
ولا يختص الوصف المذكور بالزوجة فقط، بل يجري ذلك في الزوج أيضاً، فلو أنه لم يؤد الحقوق المطلوبة منه للزوجة كان ناشزاً، فلو قصر في الإنفاق على الزوجة الواجب عليه من كسوة وإطعام مثلاً وصف بكونه ناشزاً.
ولا ينحصر نشوزه في ذلك فقط، بل يتحقق النشوز منه بإظهاره الخشونة للزوجة قولاً أو فعلاً، لأن من حقوق الزوجة على الزوج المعاشرة بالمعروف، وحسن السلوك معها، فلا يقبح لها وجهاً ويغفر لها إذا جهلت وأخطأت.
وكما أن من حقوق الزوج على زوجته إزالة المنفرات الموجبة للإيذاء، وعدم حصول الالتذاذ والاستمتاع، ينبغي ذلك على الزوج أيضاً تجاه الزوجة، فعليه أن يزيل كافة المنفرات، ويرفع كل ما يوجب الإيذاء والنفور من رائحة كريهة، سواء كانت للبدن أم كانت للفم، فضلاً عن وجود الشعر الزائد في البدن، وهكذا.
بل لا يبعد حاجته إلى التجمل وتحسين الهيئة والمنظر من خلال استخدام الطيب والعطور الطيبة، وهكذا.
من أحكام النشوز:
ثم إنه إذا حصل النشوز من الزوج فعلى الزوجة أن تعظه وتنصحه وتحذره عذاب يوم القيامة، ولا يجوز لها هجرانه في الفراش، كما لا يجوز لها الإعتداء عليه بضربه، وإيذائه جسدياً. فإن استجاب لوعظها ونصحها وصلح حاله كان ذلك أمراً حسناً.
أما لو لم يستجب لوعظها ونصحها، ولم ينفع ذلك معه، شكته عند حاكم الشرع، وهو يتصدى لإصلاح شأنه، فيلزمه بالمعاشرة معها بالمعروف، وترك إيذائها وظلمها، فإن لم ينفع ذلك معه، عزره بجلده عدداً من الأسواط حسب ما يراه مناسباً. هذا إذا كان نشوزه بسوء العشرة والمعاملة والإيذاء.
أما لو كان منشأ نشوزه تركه الإنفاق عليها، وقد طالبته بنفقتها ولم يستجب لطلبها، فإنه يجوز لها والحال هذه أن تأخذ ما تحتاج إليه من أمواله من دون أن تستأذن منه. كما يمكنها شكواه لحاكم الشرع ليجبره على الإنفاق عليها.
ومع عدم قدرتها على أحد الأمرين السابقين، لعدم وصولها لشيء من أمواله مثلاً، كما أنها يصعب عليها الوصول لحاكم الشرع حتى تشكوه، واضطرت إلى اتخاذ وسيلة لتحصيل معاشها كالعمل مثلاً في مكان ما، لم يلزمها إطاعته حال اشتغالها بتلك الوسيلة، فيجوز لها الخروج من دون إذن منه، أما بقية الحقوق الآخرى الثابتة له بمقتضى عقد الزوجية كالتمكين، والبيتوتة، فيلزمها أداءها له، ولا يجوز لها الإمتناع عنها على الأحوط وجوباً.
ومتى أصر الزوج على نشوزه، ولم ينصلح حاله بالنصح والإرشاد، أمره حاكم الشرع أن يطلق الزوجة، فإن امتنع عن ذلك قام هو بطلاقها، وفق شروط مذكورة في محلها.