ثقافة النكران
نكران الجميل من الصفات الذميمة، التي تظهر في سلوكيات بعض الشرائح الاجتماعية، انطلاقا من دوافع شخصية احيانا، او جراء احقاد دفينة احيانا اخرى، او غيرها من الأسباب الاخرى، فهذه الشرائح الاجتماعية، لا تجد غضاضة في سلوك مختلف الطرق، في سبيل الوصول للغايات، سواء من اجل تحقيق الغايات الشخصية، او الايقاع بالأطراف الاخرى، في مصائد متعددة، والقضاء عليها بشكل نهائي، خصوصا وان الدوافع على اختلافها، تقود للإضرار بالأطراف الاخرى، باعتبارها احدى وسائل الانتقام، وتحقيق الانتصار.
يتخذ النكران طرق مختلفة، حيث تترجم عبر سلوكيات على ارض الواقع، فالبعض يتخذ التقرب وسيلة لاكتساب الثقة، والتمكن بشكل كامل، وبعدها يعمد لتوجيه الضربة القاصمة، بحيث يصعب على الطرف المتضرر، الوقوف على رجليه، نظرا لعدم امتلاكه القدرة، على امتصاص الصمة الصادرة، من الطرف المقرب، خصوصا وان الصدمة تحدث شللا كاملا في إمكانية استيعاب الحدث، الامر الذي يبرز على شكل الموت السريع، او البطئ، اذ يمكن ان يكون الموت ماديا او معنويا، فالنتيجة تتمثل في القضاء التام على الطرف الاخر.
ممارسة النكران تجاه الاطراف الاخرى، تمثل قمة النذالة، وكما يعتبر سلوكا يتناقض، مع القيم الاخلاقية الفاضلة، خصوصا وان صاحب القيم يرفض انتهاج الطرق الملتوية، في الصراع القائم مع الخصم، فهو حريص على المواجهة في وضح النهار، وعدم استخدام الوسائل الخارجة، عن السياق الاخلاقي، فهذه النوعية من الممارسات تحط من قيمة المرء امام الاخرين، فضلا عن كونها ممارسة تعكس الاخلاقيات، التي يحملها أصحابها، لذا فان الطعن وراء الظهر امر منبوذ، وغير مقبول على الاطلاق، ”الإيمان قيد الفتك“.
الإحساس بالضعف، وعدم القدرة على المواجهة، يمثل احد الأسباب وراء إطلاق العنان، للممارسات الخادعة وغير الواضحة، لذا فان الضعيف يتحرك في الظلام، لانتهاز الفرصة، لتوجيه الضربة الغادرة، للطرف المقابل، فهذه النوعية من البشر، لا تضع خطوط حمراء امام ممارساتها، غير الاخلاقية، اذ تحاول نفث سمومها القاتلة للاقرباء والحلفاء قبل الأعداء، مما يدفعها لاستخدام السلوكيات الخادعة، لكسب الثقة قبل الانقضاض، على الضحية للقضاء عليها، فمرة تكون الضحية ذات إمكانيات مالية، وتارة اخرى تكون الضحية ذات نفوذ اجتماعي، حيث تتخذ هذه النوعية من البشر ”اضرب واشرد“، شعارا في جميع الممارسات الحياتية، بمعنى اخر، فان مبدأ الوفاء والالتزام بالمبادئ الاخلاقية، من الشعارات التي لا تقدم ولا تؤخر، في مجموعة القيم التي تحملها في التعامل مع الاخرين.
فالانسان القوي والقادر، على استرداد حقه، ضمن الصراع الشريف، يرفض استخدام الطرق الملتوية، في ادارة المعركة مع الخصم، بحيث يعمد لاستخدام النزال المباشر بصورة علنية، خصوصا وان الشريف لا يشعر بلذة الانتصار في المعركة غير المتكافئة، او غير العلنية، لذا فان المرء الشريف لا يجد غضاضة في تأخير الحسم، في حال استمرار المعركة، ضمن الصراع المتكافئ، والذي يدخل ضمن أنظمة، وقوانين الصراعات المتعارف عليها.