وعد بلفور.. الكذبة الكبرى
تأتي الذكرى المئوية لوعد بلفور المشؤوم، دون تغييرات تذكر في معاناة الشعب الفلسطيني، فالصك الذي اصدرته بريطانيا، إبان الانتداب في فلسطين، اطلق العنان للصهاينة، للتحرك وفق خطط مرسومة، لترجمة ذلك الوعد على ارض الواقع، فقد تحول الوعد البريطاني الى مأساة كبرى، ما تزال قائمة حتى الوقت الراهن، اذ ساهمت البريطانية في تمهيد الطريق امام المنظمات الصهيونية، للتمدد بشكل تدريجي على مساحات جغرافية، عبر السماح لموجات الهجرة اليهودية، من شتى اصقاع العالم، والاستيلاء على الارض، وتهجير الشعب الفلسطيني.
بريطانيا تتحمل مسؤولية اخلاقية، في استمرار معاناة الشعب الفلسطيني، نظرا لمشاركتها الفعلية في اغتصاب فلسطين من قيل اليهود، اذ ساهم وزير خارجية بريطانيا أرثر جميس بلفور، في تهجير الشعب الفلسطيني من المدن والقرى، جراء إصدار الصك والذي يتضمن ”بإعطاء اليهود وطن قومي في فلسطين“، كما ان سلطات الانتداب البريطاني أعطت اليهود الضوء الأخضر، للتمدد على حساب اصحاب الارض، حيث عمدت للتضييق على الشعب الفلسطيني، مقابل تسهيل الهجرات الكبيرة لليهود لفلسطين، الامر الذي ساهم في احداث تغيير ديمغرافي على ارض الواقع، فاليهود استغلوا الوعد البريطاني، عبر تنظيم هجرات كبيرة على مدى ثلاثة عقود، قبل الإعلان الرسمي لقيام دولة الاحتلال.
استغلت المنظمات الصهيونية الكذبة الكبرى، ”شعب بلا ارض لارض بلا شعب“، فقد عمدت لاستخدام الأساليب القذرة، لاجبار الجاليات اليهودية في شتى أنحاء العالم، على الهجرة لفلسطين، كما استخدمت العنف والتخويف لاجبار الجاليات اليهودية، في العالم العربي والاسلامي، لترك تلك الاوطان والاستقرار في الوطن البديل، الامر الذي ساهم في تخلخل الميزان السكاني، لصالح اليهود على حساب الشعب الفلسطيني في كافة الجغرافيا، اذ ما تزال تمارس هذه السياسة للاستيلاء على المساحات الواسعة سواء في القدس او الضغة الغربية، حيث تقوم تل ابيب بإقامة المستوطنات على حساب الشعب الفلسطيني، من اجل إجباره على ترك ارضه، والهجرة للدول العربية، او مختلف أنحاء العالم.
وعد بلفور اطلق الشرارة الاولى، لأكبر جريمة في التاريخ الحديث، اذ ساهم ذلك الوعد المشؤوم، في تشريد شعب كامل من ارضه، فيما ساعد وعد بلفور اليهود على اقتلاع الشعب الفلسطيني، من ارضه التي عاش عليها مئات السنوات، بيد ان إرادة الصمود لدى الشعب الفلسطيني، تمثل الخيار الاستراتيجي لاستعادة الحق، خصوصا وان المفاوضات السياسية على خلفية اتفاقية أوسلو في عام 1993، لم تسطع تأمين الحد الأدنى من حقوق الشعب الفلسطيني المغتصبة، فقد استطاعت تل ابيب انتزاع الاعتراف، من منظمة التحرير الفلسطيني، وإلقاء السلاح، فيما لم تلتزم الحكومات الإسرائيلية، بتنفيذ بنود الاتفاقيات الموقعة، اذ ما تزال تمارس الارهاب والقتل، وقضم المزيد من الاراضي، واستخدام عامل الوقت في التهرب من الالتزامات، التي فرضتها اتفاقيات السلام، التي وقعتها مع الجانب الفلسطيني.
مرور مائة على وعد بلفور، لن يزيد الشعب الفلسطيني، سوى مواصلة التمسك بالحق، وتذكير العالم بالجريمة الكبرى، التي ارتكبها الانتداب البريطاني، الذي أعطى ما لا يملك لمن لا يستحق.