كيف يكون التغيير الايجابي؟
يحتاج كل مجتمع إلى ثورة معرفية مضادة لكل فكر يهدم ثوابتها المعرفية، ولا تُغني البيانات فقط في ذلك، بل لا بد من تبني أطروحة التغيير، وفي تقديري أنَّ المطلوب ثلاثة أنواع من التغيير:
الأول: تغيير إيجابي في عالم الأفكار.. وهو الجزء الذي يغذِّيه العلم والمعرفة والخبرة، بشتى أنواعها.
الثاني: تغيير إيجابي في عالم المشاعر من السلبية والإحساس باليأس إلى التفاؤل والإنجاز، والشعور المتجدد بالحياة..
الثالث: تغيير إيجابي في عالم السلوك والممارسة.. فيجب أن تشمل عملية التغيير «الأفكار، المشاعر، السلوك».
فإذا تمكن المجتمع بعد هذه المعالجات العقلية من أن: «تبعث عالم المشاعر والأحاسيس»، وتزرع «القوة الدافعة في المجتمع»، فسينطلق المجتمع نحو «التغيير والنهوض عبر التغير الحادث في عالم السلوك والممارسة».
إنّ هذه القوانين الثلاثة السابقة تمثل في مجملها منظومة واحدة:
- أنها تخاطب العقل من خلال الفكرتين «المركزية والمحفزة».. فإذا رأينا أنّ مجتمعنا يعمل جاهداً على الخروج من حالة الرقود والسكون إلى حالة الحركة والتغيير، عرفنا أنه يحتاج إلى اختيار فكرته المركزية.
- أنها تخاطب القلب والروح من خلال القوة الدافعة.
- ج. أنها تقود إلى التغيير من خلال التحولات السلوكية الناجمة عن الاقتناع بالفكرة وملامستها للقلب.
وخلاصة القول: إنّ قيام الأمم والحضارات ونهوضها يعتمد بالضرورة على وجود فكرة صلبة تقتنع بها الأمة، لتولد هذه الفكرة قوة دافعة هائلة تبعث الأمة من رقادها وسباتها، وتكون بمثابة البعث النفسي لها.. وأخيراً تأتي التحولات السلوكية الناتجة عن ذلك البعث النفسي لتكون أولى خطوات الأمم نحو التغيير والنهوض.
وفي هذا الوقت نحن بحاجة إلى طرح المواضيع من خلال شعار «وحدة المصير»، حيث يرى كل العقلاء أنّ مشاريع الخلاص الفردي لن تجدي، وأنّ روح المرحلة هي فكرة وحدة المصير. وهذه أو غيرها قد تشكل قاعدة انطلاق للاحتشاد العام، بحيث يكون خطاب هذا الشعار متكيفاً مع القضايا الثلاث الكبرى: «الحرية والوحدة والتنمية»...
عندما نقوم بهذه المهمة، سينطلق فكر جديد يدعو إلى:
- تحرير العقل.
- إطلاق الطاقات.
- البحث في كل مجال.
- التساؤل عن كل الكون.
- اعتماد العقل كمرجعية في تنظيم المعارف.
- تنظيم المعلومات.
- اعتماد الحجة والبرهان.
- عدم التسليم بمقولات الآخرين.
ومع انتشار هذه الأفكار، والحماس لها، ووجود الفكرة المحفِّزة في هذه اللحظة - وهي مقاومة الفكرة الرجعية السائدة، التي كانت تريد تقييد العقل - ولدت القوة الدافعة؛ لتنطلق وتفتح الآفاق، وتجدِّد الحياة من حولها.