آخر تحديث: 24 / 11 / 2024م - 10:30 ص

ميزان العلاقة الزوجية

محمد العبيدان

يخطئ كل من يقرأ العلاقة الزوجية بين الرجل والمرأة من خلال مبدأ قانون الحقوق والواجبات والذي يقوم على أنه كما لك حقوق فإن عليك واجبات يلزم أداءها.

ومع أن الشارع المقدس قد جعل لكل واحد من الزوجين حقوقاً كما جعل عليه واجبات، لكنه لم يجعل العلاقة الزوجية دائرة مدار ذلك، بحيث لو أن أحدهما قصر في أداء الواجبات المطلوبة منه كان ذلك مسوغاً ومبرراً للآخر أن يمتنع من أداء حقوقه.

وإنما جعل الباري سبحانه وتعالى القانون الأساس الذي تقوم عليه العلاقة الزوجية بين الزوجين هو قانون المودة والرحمة، وهما عنصران مستقلان، يمكن أن يتوفرا معاً في العلاقة الزوجية بحيث تكون العلاقة بين الزوجين قائمة عليهما، فيكن الزوج لزوجته الحب والعاطفة، كما أنه يعيش لها الرحمة والشفقة، فيعطف عليها، ويرأف بحالها، ويشفق عليها، وكذلك يكون الحال بالنسبة للزوجة أيضاًً.

وقد يكون الموجود أحدهما، وذلك عندما ينعدم عنصر المودة والحب بين الزوجين، ويبقى عنصر العطف والرحمة، وهو العنصر الثاني فيكون محكماً في العلاقة الزوجية، ذلك أنه حتى مع عدم وجود عاطفة من الزوج تجاه زوجته، إلا أنه لا زال يعيش لها الرحمة والعطف والشفقة، لذا لا تراه يسيئ لها بكلمة جارحة، أو تصرف، فضلاً عن أن يؤذيها.

وقد أدى الخطأ في فهم القانون الذي ينبغي أن تقوم عليه العلاقة الأسرية بين الزوجين إلى فقدان هذا الرابط المقدس أهم عناصره وهما الحب والعطف والرحمة، فأصبحت العلاقة بين الزوجين علاقة جافة خصوصاً ونحن نعيش في ظل عوامل وعناصر حياتية مساعدة على تبلد الأحاسيس والمشاعر.

بينما عند العودة للشريعة الإسلامية، والنظر في النصوص الشريفة نجد التركيز على رؤية القرآن في قوام العلاقة الزوجية من خلال الحب والعطف، فقد أكدت النصوص على أهمية التراحم بين الزوجين وحلول العطف بينهما ومنهما على بعضهما البعض، فقد أكدت النصوص على استحباب خدمة المرأة زوجها في البيت، فعنه أنه قال: وأيما امرأة خدمت زوجها سبعة أيام أغلق الله عنها سبعة أبواب النار وفتح لها ثمانية أبواب الجنة تدخل من أيها شاءت.

وجاء عنه قوله: ما من امرأة تسقي زوجها شربة من ماء إلا كان خيراً لها من عبادة سنة صيام نهارها وقيام ليلها ويبني الله لها بكل شربة تسقي زوجها مدينة في الجنة وغفر لها ستين خطيئة.

وجاء عن رسول الله ﷺ أنه قال: أوصاني جبرئيل بالمرأة حتى ظننت أنه لا ينبغي طلاقها إلا من فاحشة مبينة. وعن الإمام الصادق أنه قال: اتقوا الله في الضعيفين، يعني بذلك اليتيم والنساء وإنما هن عورة. وجاء عنه أيضاً في جواب من سأله عن حق المرأة على زوجها الذي إذا فعله كان محسناً؟ قال: يشبعها ويكسوها وإن جهلت غفر لها، وقال أبو عبد الله : كانت امرأة عند أبي تؤذيه فيغفر لها.

وما أحوجنا اليوم لتطبيق هذا الميزان الإسلامي في العلاقة الزوجية والعمل على وفقه فإن ذلك كفيل باستقلال هذه الحياة واستمرارها، بخلاف ما صار يؤكد عليه في كلمات مكررة من التركيز على عنصر الحقوق والواجبات وأنه لا يجب على الزوجة القيام بالمسؤولية الأسرية من خدمة وطبخ وغسل وما شابه، وقد فات هؤلاء الاستحباب المستفاد من جملة من النصوص، كما أن هذا العرض أوجب فقد الحياة الزوجية روحها وجمالها الأساس وضياع ميزانها الذي به قوامها.

التعقيبات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
التعليقات 1
1
جاسم
[ الأحساء ]: 27 / 10 / 2017م - 6:35 م
مع الأسف أن بعض الأزواج يرى الزواج من زاوية ضيقة جداً و ينسى أحد أهم العناصر لاستمرار الحياة الزوجية و هو تحمل المسؤولية.
فمن الواجب من ناحية المحبة و العرفان أن يقوم الزوج على توفير ما تحتاجه الزوجة بحسب مقدرته و لا يتخاذل و على الزوجة أن لا تطلب ما تحتاج و ما لا تحتاج.
في المقابل محبة المرأة لزوجها تدفعها تلقائياً لخدمته و خدمة الأطفال.

أما الرجل الذي لا يرى زوجته إلا عند النوم و يقضي أغلب وقته مع أصدقائه و الزوجة التي لا تطبخ ولا تكنس و لا تهتم بشيء فمثل هؤلاء يسعون للطلاق من حيث يعلمون أو لا يعلمون.