ثقافة التحفيز
يشكل التحفيز عنصرا حيويا، في تفجير الطاقات الكامنة، لدى الانسان، فهناك إمكانيات مخبوءة لا تجد طريقها للنور، بدون وجود العوامل المساعدة لانطلاقها، لتكون واقعا ملموسا، وعلامة بارزة في حياة المرء، والمجتمع في الوقت نفسه، مما يستدعي الوقوف بحزم امام جميع اشكال التسخيف، والاستهزاء التي يمارسها، البعض في سبيل قمع بذور التميز، لدى بعض الشرائح الاجتماعية.
تكريس التحفيز في نفوس المجتمع، مرتبط بالخلفيات الثقافية التي يحملها، اذ تمثل الثقافة المائدة، محرك لخطوات الشرائح الاجتماعية، في مختلف الاتجاهات، فإذا كانت صالحة فإنها تمارس التحفيز بشتى صوره، واشكاله، فيما تكون وبالا على الكفاءات اذا كانت طالحة، باعتبارها العدو الاول في منع التقدم العلمي في المجتمع، ﴿وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ﴾.
التحفيز ثقافة إيجابية تبرز، على هيئة مجموعة ممارسات يومية، فهذه النوعية من الثقافة تتحاشى نصب الأفخاخ في طريق النجاح، من خلال ازالة جميع العراقيل التي تعترض نجاح بعض المبادرات، لا سيما وان النظرة الايجابية تتجاوز الأفق الشخصي، لتضع في الاعتبار الاثار المترتبة، وراء انطلاق قاطرة بعض المشاريع الثقافية، والاجتماعية، الامر الذي ينعكس بصورة مباشرة على حيوية المجتمع.
النظرة السلبية تمثل العدو الرئيسي، وراء قتل المبادرات على اختلافها، فالبعض ينطلق من وراء الموقف المعارض من عداء شخصي، او بخلفية ثقافية متباينة تتحرك لقمع مختلف الأفكار الخلاقة، اذ يحاول البعض التشكيك في نوايا الجهات القائمة، على تلك المشاريع تارة، وتارة اخرى بدعوى الوقوف امام العبث بالقيم والثوابت الاجتماعية، الامر الذي يتطلب موقفا ثابتا بعيدا عن المجاملة او المداهنة.
شكلت ثقافة التحفيز علامة فارقة، في تحديد مصير بعض الشخصيات، والعديد من الاختراعات، فهناك الكثير من الكفاءات وجدت بيئة صالحة، للسير قدما باتجاه ترجمة العديد من الطموحات، فمرة من خلال تقديم الدعم المالي، وتارة عبر توفير البيئة المناسبة، لتجاوز بعض التجارب الفاشلة، خصوصا وان تكرار الفشل يصيب النفس البشرية، بحالة من الاحباط، مما يستدعي التدخل في الوقت المناسب، لإعطاء جرعات لمواصلة طريق النجاح.
نشر التحفيز في المجتمع، يؤسس لمرحلة غاية في الأهمية، اذ تشكل هذه الثقافة انقلابا كبيرا في مرتكزاته، مما يجعله مجتمعا نابضا بالحياة، بحيث يترجم عبر الكثير من الاعمال، وبالتالي الدخول في مرحلة النهوض، ومسايرة الامم الاخرى، بمعنى اخر، فان تكريس التحفيز في نفوس أفراد المجتمع، يستدعي محاربة النظرة السلبية، نظرا لتداعياته الكارثية على مسيرة في المجتمع، سواء في المرحلة الحالية او المستقبلية.
الثقافة القرآنية، تركز على توسيع الافاق، لدى الفرد والمجتمع، من اجل احداث طاقة إيجابية، قادرة على تحطيم الاحباط النفسية والمادية، لذا فان الآيات تحث على التفكير في تجارب الامم الاخرى، ومحاولة الاستفادة من الجوانب الايجابية، وتجنب الأخطاء، الامر الذي يشكل نوعا من التحفيز في النفوس، ﴿قلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانظُرُوا كَيْفَ بَدَأَ الْخَلْقَ ۚ ثُمَّ اللَّهُ يُنشِئُ النَّشْأَةَ الْآخِرَةَ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾.