آخر تحديث: 24 / 11 / 2024م - 11:51 ص

كاشفُ المعادن

المهندس هلال حسن الوحيد *

لكلِّ معدنٍ من المعادنِ في الحياة كاشفٌ يخبرُ عن وجوده أو عدمه واستفاد الإنسانُ منذ القدمِ من هذا العلم للتعرف على وجودِ الماء ومن ثم مصادرَ الطاقة كالفحم والنفط والمعادن النفيسة كالذهب والفضة والالماس والاحجار الكريمة بأنواعها المختلفة.

لا يشذ الإنسانُ عن هذه القاعدة بعيداً ولكنَّ صعوبةَ التعرف على نوعيةِ الإنسان سببه كثرةُ المعادن المتوفرة فيه وتداخل الروح والجسد وقدرتهُ على النفاق والتمويه والخباثة مما يجعل معرفةَ وتمييز عناصر البشر مهمةً شاقة إن لم تكن مستحيلة!

هناك اختباران يميزان وبدقة المعدن البشري وهما الأحزان والأتراح، ببساطة متى وكيف تجده وأنت تحتاجه وقت الابتسامة ووقت الدمعة؟ هل يوفر لك كتفاً تستند إليه وتبكي إن ألمت بك نازلة أو يضحك معك عندما تكون في بهجة أم لا ذا ولا ذاك ولكن كما كانت تقول أمي رحمها الله ”تعاونَ البينُ والحادي على أجلي“.

جزى الله الشدائد كلَّ خيرٍ
وإن كانت تغصصني بريقي

وما شكري لها إلا لأني
عرفتُ بها عدوي من صديقي

من الجيد أن تعرف المعدن الذي تريد أن تعرف فمن يبحث عن الذهب يرتاح عند اكتشافه بتحقق ما يريد وكذلك الباحث عن النفط والمعادن الأخرى متى ما وجدها ولكن لابد أن تأتيه أوقات يتمنى فيها أن يكون الكاشفَ لا يعمل كما يجب أو بقيَ بلا كاشف، إن عرفَ أنَّ ما كان ذا بريقٍ ليسَ ذهباً. لا بد أنك جربت ذلك يوماً ما.

بحثت عن خاتمٍ عقيق فذهبتُ إلى بائعٍ متخصص وطلبت منه أن يعطيني أجودَ ما لديه. فتح الجارورَ أسفل الخزانةِ وقال هو ذا. لم أشأ المجادلةَ في الثمن واشتريته بما أراد. لبستُ الخاتمَ ولم يفارق يدي ولكن صادف أن اجتمعت مع من له معرفةٌ بالمعادن وطلبت منه تقييمه، فأخذه وطقطق عليه بأسنانه ثم أعاده لي بسرعة وقال ”خوش بلاستيك“. الحقيقةُ التي عرفتها جعلتني لا أدري أين وضعتُ الخاتمَ بعدها.

من الجيد والمتوقع والمطلوب تعاطف وتآزر المجتمع القريب مع بعضه عندما تلم به حادثةٌ ما وهذا هو الكشف الطبيعي والسار عن المعادن ولكن لن يكون المرءُ سعيداً عندما يدقق في الصورة ويكبرها فيرى أن يداً في جسد تفرح لأن اليد الأخرى شُلَّت بل تتمنى الكسر للرجل. شيء لا يصدق إلا في المجتمعات البشرية حين تصاب أجسادها وعقولها بمرض المناعة المفرطة الذي يخلقُ من بعض أعضاء الجسد لديها أجساماً غريبةً أو عدواً وهمياً يجب محاربته وتتناسخ فيها الأمراضُ والعللُ وعندها تموت بكليتها...

التعقيبات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
التعليقات 1
1
راضي
[ القطيف ]: 23 / 10 / 2017م - 11:03 م
بارك الله فيك على الموضوع القيم والمميز وفي انتظار جديدك الأروع والمميز لك مني أجمل التحيات وكل التوفيق لك يا رب
مستشار أعلى هندسة بترول