آخر تحديث: 24 / 11 / 2024م - 11:51 ص

ويغتالون البراءة في رحم الألم..

علي ناصر الصايغ

تتميز الكثير من المجتمعات بأهتمام بالغ الدقة في طرق التعامل مع مختلف المشاكل والقضايا وبسرية تامة وخلق حالة من الرعاية والأمان، ذلك من خلال مراكز متخصصة تشرف عليها جهات رسمية ولجان أهلية متطوعة، والكثير من المجتمعات عرضة لمشاكل التحرش والخطف والفقد والأختفاء وأعظم من ذلك بكثير ولكل واحدة منها أسباب وظروف خاصة، ولكن الواعون من فئات كل مجتمع هم من يسعون لأغفال الجانب السلبي وترك المهاترات أو البحث عن التفاصيل التي لا جدوى منها، وذلك مراعاة لأهل الشخص الذي حدث له حادث من أي نوع كان حتى وأن كان خدش في الوجه، كل ذلك تفاديا لجرح المقربين منه وأحتراما للمشاعر وهو سلوك تدعوا له كل الديانات السماوية..

ولكن وللأسف بكل ما يحمل الأسف من وجع في القلب، ما يحصل في مجتمعنا المحلي هو أغتيال للبراءة وقد يتكرر الأغتيال مرتان الأولى الحدث نفسه وهو جريمة بحق الشخص وأهله والثانية وهي الأكثر ظلما والتي يوظفون بعض أبناء المجتمع أنفسهم بنشرهم الشائعات دون وعي وبلا مراعاة لا للدين ولا للأعراف، ولعله لقلة التدين او الوعي او الذوق والاسباب تطول، فهناك من يبحث عن التفاصيل فضولا منه، وهناك من يسعى وبشكل لا يقبله الضمير الإنساني الى فرضيات سيئة تعطي المشكلة مساحة أكبر من اللازم في الوقت الذي ينبغي الوقوف مع أهل صاحب الحدث بنت كان او ولد فكلاهما بحاجة للأهتمام والرعاية وأخراجهم من جو المشكلة وإعادة الثقة وزرع الأمان والطمأنينة في نفوسهم، والوقوف مع أهاليهم وأعطاء المشكلة حجمها الطبيعي ليستعيدوا سمعتهم في مجتمعهم ومكانتهم في الوسط المجتمعي وبين الأقارب والاصدقاء، فلنتقي الله تعالى في ما نقول..

فيما يروى عن النبي الأكرم ﷺ ﴿لا يستر عبد عبداً في الدنيا، إلا ستره الله يوم القيامة إلى الغارقين في مستنقع الجهل والرذيلة.. ما الهدف من السعي لمعرفة أسرار الغير!! وما الفائدة المرجوه من ذلك!! ومن أجاز لكم التحدث ولو بالأشارة لذات الشخص!! ولماذا البعض يصر على الأساءة فلا يقبل واقع ما حصل!!.

فيما يروى: قلت للكاظم : جعلت فداك!.. الرجل من إخواني يبلغني عنه الشيء الذي أكره له فأسأله عنه فينكر ذلك وقد أخبرني عنه قوم ثقات، فقال: يا محمد!.. كذّب سمعك وبصرك عن أخيك، فإن شهد عندك خمسون قسامة، وقال لك قولا فصدقه وكذّبهم، ولا تذيعن عليه شيئاً تشينه به، وتهدم به مروّته..

مما يؤسف له أن من يترصد الأخطاء ويفشي الأسرار ويشيع الفواحش ويسئ الظن ولا يقبل الحقيقة هو إنسان غير سوي ويحاول أن يؤكد للأخرين ما يعتقده من أوهام وخزعبلات ليست موجودة الا في ظلمات قلبه وسوء تفكيره..

لنحفظ حرمة بيوتنا بحفظنا حرمة بيوت غيرنا فلنتقي الله في أعراض المؤمنين والمؤمنات ونتجنب التعرض لمشاكلهم ومصائبهم وما ينقل عنهم، فينبغي أن لا نقبل لغيرنا ما لا نقبله لأنفسنا، فعلى الإنسان أن يتأمل أن فعل ظلماً أو أشاع الفاحشة، ففي أشاعتها جرم كبير، ولمجرد أن يرتاح لنشر الأكاذيب التي تنتشر في أوساط المجتمع ولمجرد أنه يشعر بالسعادة بهذه الفضيحة التي ظهرت بين المؤمنين، فآيات الذكر الحكيم تقصم الظهر: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آَمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآَخِرَةِ.

حينما يتمنى الإنسان أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوافهو ليس مؤمناً وإنما هو في صف المنافقين لأن الله عز وجل يقول: ﴿إِنْ تَمْسَسْكُمْ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ وَإِنْ تُصِبْكُمْ سَيِّئَةٌ يَفْرَحُوا بِهَا.