ثقافة المثابرة
المثابرة عامل أساس في تحديد مكانة المرء في الحياة، فالانسان المجتهد والحريص على إتقان العمل، وعدم التراخي، يحتل مركزا متقدما في الغالب، بخلاف العنصر الكسول، وغير المهتم بإنجاز الاعمال، فانه يكون في مؤخرة الركب، وعنوان دائم للفشل.
المرء المثابر يعتبر قدوة للمجتمع، خصوصا وانه يعتمد على ذاته في تحقيق النجاح، فهناك نماذج عديدة استطاعت حفر تاريخها بالصبر والجد، بحيث بدأت من الصفر ورفضت الاستسلام لمختلف العراقيل، التي اعترضت طريق النجاح، اذ باتت الْيَوْمَ رقما في عالم الاقتصاد، والسياسة وغيرها، من العلوم الإنسانية المختلفة.
تحقيق الهدف المنشود، يمثل احد المحركات في الاجتهاد، والعمل الدؤوب، فالمرء الذي يضع هدفا كبيرا نصب عينيه، يعمد لتسخير جميع الإمكانيات في سبيل الوصول للهدف، وبالتالي، فانه لا يلقي بالا لكافة الإحباطات التي تظهر خلال المسيرة نحو الهدف، اذ يمثل التراخي او الاستسلام عامل أساس في الفشل، وعدم تحطيم الحواجز المنصوبة، في مضمار معركة النجاح.
رزع روح المثابرة في النفس، مرتبط بنوعية الثقافة التي يحملها المرء، وكذلك بأسلوب التربية، سواء داخل الاسرة او وسط المجتمع، حيث تلعب العائلة دورا كبيرا، في تكريس الانطلاق، نحو الأهداف السامية والكبيرة، لذا فان بعض العوائل تزرع في نفوس الأبناء، تحمل المسؤولية منذ الصغر، من خلال الحرص على إعطاء الأولاد، جرعات كبيرة لتحديد الأهداف الكبيرة، والحث الدائم على تحقيقها عبر التحفيز المستمر، على الجد والاجتهاد، الامر الذي ينعكس على نظرة تلك العناصر للحياة، والالية المناسبة، للاستفادة من سنوات العمر، بما يعود بالفائدة على الصعيد الفردي.
بدروه يحرك المجتمع، العديد من الشرائح الاجتماعية، باتجاه المثابرة وطرد الخمول، والاعتماد على الاخرين، اذ تمثل المؤسسات التعليمية المتطورة، احدى الطرق السالكة، لغرس روح المثابرة في الأفراد، الامر الذي يفسر الاختلاف في المخرجات التعليمية، في المجتمعات المتقدمة، عن نظيرتها المتخلفة، فالاولى تكرس في الأنباء النظرة المتفائلة والجادة، نحو مواصلة مشوار التقدم للمجتمع، من خلال تقديم مختلف الوسائل المساعدة، لتحقيق الأهداف المرسومة للأفراد، فيما الدول المتخلفة تفتقر في الغالب لمقومات التحفيز المطلوبة، لتحريك الأفراد نحو المزيد من النجاح، وتكريس روح المثابرة والمبادرة.
العوامل المساعدة، لتوفير عوامل الانطلاق والمثابرة، ليست دائما قادرة على تحقيق الأغراض المرسومة، فالمرء بما يمتلك من إرادة وقدرة على قهر المستحيل، قادر على تحويل الصعاب الى جسر للنجاح، اذ توجد نماذج كيثرة ناجحة خرجت من تحت الركام للصعود للقمة، نظرا لامتلاك المثابرة والقدرة، على الوصول للاهداف المرسومة، فهذه العناصر لم تترك لليأس مكانا في القلوب، وسخرت الإمكانيات القليلة، في سبيل الحصول العلامة الكاملة، في مدرسة الحياة، ﴿و ان ليس للإنسان الا ما سعى﴾، ﴿و قل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون﴾.