معركة ادلب.. صراع النفوذ
اعلان انقرة إطلاق معركة حربية في أدلب، للقضاء على جبهة النصرة، يمثل تحولا طبيعيا لبدء العد التنازلي، لانحسار نفوذ الجماعات المسلحة في سوريا، خصوصا في ظل الهزائم المتلاحقة، لكافة الفصائل التابعة لداعش منذ عدة أشهر، واخرها دخول القوات السورية مدينة الميادين، التي تعتبر احد ابرز معاقل التنظيم الإرهابي.
التحرك التركي محاولة لسباق الزمن، للقضاء على الجماعات المناوئة لنفوذه في أدلب، خصوصا وان رياح إنهاء الأزمة السورية، بدأت تهب بقوة منذ عدة أشهر، الامر الذي تمثل في إنهاء تواجد العديد من الجماعات المسلحة، ومنها الفصائل التي كانت تقاتل في مدينة درعا، على الحدود السورية - الأردنية.
مقدمات التحول التركي للازمة السورية، بدأت تتكشف منذ التفاهم مع روسيا، اذ أسفر التفاهم في دخول مدينة أدلب ضمن مناطق خفض التصعيد، مما يجعلها احدى المناطق القادمة لعودة الحياة الطبيعية، واختفاء المظاهر المسلحة، على غرار بعض المناطق، التي دخلت ضمن اتفاق خفض التصعيد في الفترة الماضية، وبالتالي، فان التحولات الإقليمية فرضت واقعا سياسيا مختلفا، عن الموقف التركي السابق تجاه دمشق.
خشية انقرة من خروجها خالية الوفاض، من الأزمة السورية، دفعها لاتخاذ مواقف صارم تجاه جبهة النصرة، خصوصا بعد نجاح روسيا في قلب الطاولة على الجماعات المسلحة، منذ تدخلها المباشر الى جانب دمشق، بالتالي فان، الأشهر القادمة تفرض على الجميع التعامل مع الواقع الجديد، والمتمثل في المكاسب العسكرية، التي حققتها دمشق بدعم موسكو، بمعنى اخر، فان المصالح السياسية تفرض على تركيا الانخراط، في الجهود السياسية التي تقودها روسيا، ومنها توسيع رقعة مناطق خفض التصعيد، مما يعني، ان المعركة العسكرية التي تقودها انقرة، ضد جبهة النصرة، تدخل ضمن صراع النفوذ القائم، بين العديد من الأطراف الدولية، ومنها أمريكا وايران وروسيا، فضلا عن بعض الأطراف الإقليمية.
حكومة ارودغان تحاول الاستفادة من الأجواء الإيجابية، مع ايران على خلفية الاستفتاء في كردستان العراق، من اجل ترطيب العلاقات بشكل إيجابي، بما يخدم الموقف الرافض، لمحاولة إقليم كردستان الانفصال عن العراق، نظرا للتداعيات الخطيرة لمشكلة الخطوة على وحدة تركيا وايران في المستقبل، اذ تدخل زيارة ارودغان لطهران الأخيرة، ضمن التحولات السياسية للرئيس التركي، في العديد من الملفات الساخنة.
تحرك انقرة من خلال إطلاق العملية العسكرية، للقضاء على النصرة في أدلب، يدخل ضمن سياسة تقليم أظافر هذه الجماعة، التي استطاعت خلال الفترة الماضية بسط نفوذها، على المدينة عبر القضاء على الجماعات المنافسة، مما يستدعي التدخل القوي لوضع الأمور في نصابها، وتخريب مشروع النصرة، لإعلان الامارة في المنطقة من جانب، ومن جانب اخر، فان تركيا تحاول الخروج بمكاسب سياسية، وإيجاد موطئ قدم في المساعي الدولية، لإنهاء الحرب المستعرة، في سوريا منذ سبع سنوات.
تحقيق الأهداف السياسية المتوخاة لتركيا، من الحملة العسكرية ضد جبهة النصرة في أدلب، مرهونة بالقدرة على حسم المعركة، وبسط نفوذها في المدينة، فيما سيكون وضع انقرة صعبا للغاية، في حال فشلت في معركتها العسكرية، مما يحرمها من الحصول، على المكاسب السياسية المرسومة.