المصالحة الفلسطينية.. الخيار الاستراتيجي
رأب الصدع الفلسطيني، القائم منذ سنوات بين السلطة الفلسطينية، في رام الله وحماس في قطاع غزة، يمثل الخيار الاستراتيجي، لمواجهة التعنت الإسرائيلي، وسعيه الدائم لتكريس حالة الانقسام، بغرض التملص من التزاماته، والوفاء بالاتفاقيات التي أبرمها، مع السلطة خلال المفاوضات السابقة، التي أعقبت اتفاق أوسلو.
ردت فعل رئيس الحكومة الإسرائيلية نتنياهو، على اتفاق المصالحة الفلسطينية، تعكس الانعكاسات السياسية، المترتبة على هذه الخطوة، فقد وضع نتنياهو شرطين للاعتراف بالمصالحة وهما الاعتراف بإسرائيل، وحل الجناح العسكري، لحركة حماس، مما يوحي بوجود خشية حقيقة، لدى تل ابيب من وحدة الصف الفلسطيني، والقدرة على التحرك المشترك، في المرحلة القادمة، لمواجهة الاستفراد الإسرائيلي، الذي سيطر على مشهد القضية الفلسطينية.
الخشية من انهيار المصالحة الفلسطينية، تبقى قائمة لدى الشارع الفلسطيني، خصوصا في فشل جميع الاتفاقيات السابقة، الامر الذي ساهم تكريس الامر الواقع، وتبادل المواقف السياسية بين السلطة وحماس، فالتجارب السابقة تجعل سقف التفاؤل منخفضا للغاية، الامر الذي يفسر حالة الترقب وللحذر الذي ينتاب الجميع، لاسيما وان اتفاق المصالحة مرشح للانهيار بين لحظة وأخرى، سواء نتيجة اختلاف وجهات النظر، بشأن ملف المفاوضات مع إسرائيل، او العملية السياسية، فضلا عن الملف المالي المستعر بين السلطة وحماس، خصوصا بعد قرار حكومة عباس، إيقاف التحويلات المالية عن قطاع غزة، والتوقف عن تحويل الرواتب بالدوائر الفلسطينية، في غزة خلال السنوات الماضية، الامر الذي يجعل اتفاق المصالحة الفلسطينية، في موضع اختبار حقيقي خلال الأيام القادمة.
الإجراءات التي اتخذت حماس، لإبداء حسن النية، وتبديد الشكوك في قدرتها، على السير قدما في اتفاق المصالحة، امر بالغ الأهمية في المرحلة الراهنة، اذ يمثل قرار حماس حل اللجنة الإدارية في غزة خطوة هامة، خصوصا وان هذه الخطوة تبعث برسائل عديدة، للداخل والخارج على حد سواء، فمن جانب يبعث القرار نوعا من الارتياح للشعب الفلسطيني، بوجود إرادة سياسية لدى حكومة حماس، باغلاق ملف الانقسام، وتقديم تنازلات في سبيل تعبيد الطريق، لنجاح مساعى المصالحة الوطنية، والتحدث بصوت واحد في المحافل الدولية، وتفويت الفرصة على إسرائيل، للتلاعب بعامل الزمن، للتهرب من الاستحقاقات المترتبة على المفاوضات، التي خرجت بالعديد من الاتفاقيات.
بينما ترسل حماس بقرارها حل اللجنة الإدارية، برسائل عديدة للخارج، سواء على الصعيد العربي او الدولي، فهي تحاول استغلال الانفتاح المصري، للدخول الى العالم العربي، والخروج من حالة العزلة، التي تعيشها منذ سنوات، الامر الذي يسهم في القدرة على تحسين الوضع الاقتصادي الصعب، الذي يعيشه القضاء جراء الحصار الشامل، الذي تفرضه إسرائيل منذ حرب 2012، بينما تسعى من وراء قرار حل اللجنة الإدارية تحقيق مكاسب سياسية على الصعيد الدولي، خصوصا في غياب الاعتراف الدولي بحكومة غزة، الامر الذي بدأت حماس تجني ثمارها مؤقتا، من خلال الترحيب الدولي بقرار اللجنة الإدارية، مما يساعد في فك الحصار المفروض على قطاع غزة اقتصاديا وسياسيا، منذ قرار السيطرة على القطاع، والاستفراد بالقرا ر بعيدا عن التنسيق، مع السلطة الفلسطينية في رام الله.