آخر تحديث: 24 / 11 / 2024م - 11:51 ص

مستقبل التعلم والمفهوم الجديد للتعلم العميق

رائف بودريس *

لقد تغير المنهج الدراسي الفنلندي الجديد لعام 2016، وتبعا لذلك ستتغير معه أمور كثيرة في الحياة اليومية داخل المدارس الفنلندية وخارجها. وسيركز التعليم اليوم وفي المستقبل على المهارات والممارسات المجتمعية وبناء المعارف وحل المشكلات والتقييم المستمر والتقييم الذاتي، فضلا عن استخدام التكنولوجيا لغرض دعم عملية التعلم وليس لغرض الاستعراض والاستمتاع.

ومن أجل دعم هذا التحول في فنلندا، قام برنامج نورث ستار للتحول التعليمي Learning Transformation North Star Program، خلال السنوات الثلاث الماضية، بإدخال إطار التعليم العالمي الجديد للتعلم العميق في فنلندا New Pedagogies for Deep Learning «NPDL». وهو برنامج دولي للبحث والتطوير في مجال التعليم والتدريس والثقافة المدرسية يوفر أدوات وتدريب لصناع السياسات والسلطات المحلية والمدارس في مجال تحويل التعلم.

وقد تأسس هذا البرنامج «NPDL» من قبل البروفيسور الكندي مايكل فولان Michael Fullan وزملائه على الكفايات الست للتعلم العميق، المرتبطة بالتطبيق والممارسة؛ أي: عندما يصِل المتعلِّم إلى استخدام ما تعلمه على أرض الواقع، فإنه يبحث عن المعنى والهدف الأسمى لما تعلمه، فيطبِّق ويكيِّف ويُبدع ويتفاعل. بل يستطيعُ الربطَ بين التعلم ومجالات العمل والوظيفة. وهنا يبرز أهمية هذا المفهوم.

والتعلُّم العميق هو تعلم ذو بُعد معرفي فكري ووجداني يستحضر الأهدافَ من التعلم من أجل بناء معنى جديد لما تعلمه الطالب داخل الفصل، فما هي الفائدة الواقعية الحياتيةText Box: كفايات المنهج الفنلندي الأساسي 2016 اليومية لدراسة العلوم والرياضيات والدراسات الاجتماعية والمواد الأخرى؟ إلا محاولة لغرس القيم وتنمية المهارات الاجتماعية وتقريب المتعلم مما يريد، من هواياته ورغباته، نعم إنه التعلم من أجل الهواية، ومن أجل الشغف والابتكار.

فالطلاب الذين يعتمدون الأسلوبَ العميق في التعلم يحاولون دائما ألا يتقبلون الأفكارَ بدون فحصٍ وتفكير ناقد، كما أنَّهم يحاولون ربط المعلومات الجديدة بالخبرات السابقة التي لديهم، باحثين عن التكيِيف المناسب والاستخدام الأمثل لها، ويتقصَّون الأسباب المقبولة والأفكار المنطقيَّة التي تقف خلفَ المعلومات الواردة في أي نص.

أما الطلاب الذين يتَّبعون أسلوبَ التعلم السطحي، فإنَّهم يهتمون بحفظ الحقائقِ والمعلومات ويعمدون إلى التعلم الحَرفِي، كما أنَّهم يتقبلون الأفكار بدون فهم معناها ويركِّزون على اكتساب المعلومات الجديدة بمعزل عن خبراتهم السابقة «طبعا إذا تبقى منها شيء».

ولذلك دائما نردد بأن دور المعلم قد تغير من ناقل ومصدر للمعرفة إلى موجه وميسر ومهندس تربوي. فوظيفة المعلم هي التعرف على نقاط القوة والاحتياجات لطلابه، لكي يخلق رحلة لفهم الحياة الحقيقية وتوجيه طلابه لحل المشاكل الحقيقية التي سوف تواجههم. وتتطلب أهداف التعلم الجديدة لشراكة تعلمية، والتي تشمل كلا من المعلمين والمتعلمين بالإضافة إلى أولياء أمورهم. كما أن المعلمين في حاجة ملحة إلى تبني هذا التحول بشجاعة، وذلك بثقة وزارة التعليم والمجتمع فيهم ودعمهم وإشراكهم في تصميم المناهج، ولكن في نفس الوقت نحن بحاجة إلى كليات وجامعات قادرة على إخراج معلمين ذو جودة عالية وبمواصفات عالمية يعشقون مهنتهم وقادرين على تحمل مسؤولية تعليم وتربية الأجيال الحالية والقادمة.

تعليم المنطقة الشرقية