المنظومة التعليمية للطفل الحسيني
القيم الأخلاقية الرفيعة التي دعا لها الإمام الحسين وجسدها في واقعه وسيرته العطرة، لهي منظومة سلوكية رائعة تقود نحو بناء شخصية الفرد السوي والمعطاء، وهذا ما يترتب عليه رفد المجتمع بعلاقات إيجابية بين الأفراد وتحولها إلى طاقات تسهم في تنميته وازدهاره، فقيم السلام والعدل وإباء الضيم والكرم وغيرها تمثل منابع ومناهج الحياة السعيدة، وتجنبنا إرهاصات الانحلال والتفلت وتفكك عرى العلاقات وبناء الروح المادية المقيتتة عنده.
وهذه البنية الحسينية تحتاج إلى تظافر الجهود لتتحول تلك القيم إلى مناهج يطلع عليها الأطفال وينهلون من منابعها، وهذه المناهج تحتاج في إعدادها إلى طاقات مجتمعية متخصصة في الأدب والاجتماع والدين والفن، فتنصهر تلك الجهود في مصب إعداد الكتيبات المشوقة والمناسبة لعقلية الطفل، فبعيدا عن الأسلوب السردي والمقالي الذي لا يناسب أصلا ذهنية الطفل، نحتاج إلى تمازج الفن والثقافة؛ لتضع لنا تلك السيرة والمضامين الحسينية المتنوعة في قوالب القصص المشوقة والأساليب الحوارية الرائعة والمناسبة، متضمنة هذه المناهج مجموعة السلوكيات المحببة والمقبولة والتي يعني التحلي بها صياغة شخصية الطفل بناء على الفضيلة والطموح والهمة العالية في فضاء العمل المثابر.
غرس هذه القيم وتحولها إلى سلوكيات محببة نتلمسها في واقعهم المعاش هو الهدف التالي في عملنا، وهذا لا يعني بأن العملية سهلة وتعيش في جميع مراحلها التنقل السهل الميسر، وإنما تحتاج إلى منظومة تعليمية متكاملة تتضمن مع الكتيبات الجذابة وذات المعلومات المماسبة، وجود المعلم الذي يملك خبرة في التعامل مع تعليم الطفل وأهم الطرق التربوية المناسبة لإفهامه وتطوير قدراته الفكرية، ووجود النشاطات اللا صفية كالمسابقات الحسينية والمسرح الحسيني ومنبر الطفل الحسيني، والذي يختبر فيه الطفل قدراته ومهاراته المتنوعة، متضمنة تلك المواقف تجسيد الأخلاقيات والقيم الحسينية ومواقف أبطال كربلاء.
وتنشئة الطفل الحسيني تحتاج إلى إحاطة من الطاقم التعليمي ببيئة وواقع الطفل المحيط به، وذلك لمعرفة السلوكيات السلبية والأخطاء الأخلاقية الممارسة أمامه، ومعرفة العوامل المؤثرة في منطقه وتصرفاته من الوسائل الإعلامية وقنوات التواصل التي يتعامل معها.
كما من المهم وجود الأسرة المثراة لقدرات وإدراكات طفلها من خلال حالة التشجيع المستمر والاهتمام بمكتسباته، وعقد الحوارات البسيطة معه والتي تكشف عن تنمية مستواه الثقافي والأخلاقي، فهذه التهيئة النفسية المحفزة للانخراط في النشاطات الحسينية، تخلق روح الطموح والتنافس عند الطفل لتنمية قدراته.