مبادرة ”غذاء الرضيع“
طفلة لم تتجاوز السنة من عمرها تصرخ وتتلوى وتعاني من آلام مستمرة في البطن مما سبب حالة من الاضطراب والقلق داخل الأسرة، وبعد الفحص والتشخيص من قبل الطبيب المختص تبين أنها مصابة بقرحة في المعدة. استغرب الطبيب المعالج لوجود القرحة مع صغر سنها مما جعله يطرح بعض الأسئلة على والدتها لاكتشاف الأسباب.. ومنها كانت المفاجئة غير المتوقعة؟
سأل الدكتور الأم إن كانت رضاعتها طبيعية فأجابت بالنفي. ثم سألها عن نوعية الحليب الصناعي المستخدم ليقرر إن كان مناسبا لها، فكانت الصدمة عندما أجابت الأم بأنها ترضعها شراب التانج منذ فترة والسبب هو أنها من عائلة فقيرة لا تتمكن من توفير الحليب لطفلتها في كل شهر.
هذه الحادثة كانت مؤلمة ومؤثرة لأحد الأطباء عندما سمع عنها من زملائه فجعلته يتفاعل معها ليس بتوفير الحليب المناسب لهذه الطفلة ولا بالتكفل بالحليب حتى تكمل سنتين بل عمل بإنسانية عالية مفكرا في مصير كثير من الحالات التي قد تكون مشابهة لهذه الحالة بسبب الفقر والعوز الذي لا يمكنهم من توفير الغذاء المناسب لأطفالهم. وذلك ما جعله يتوجه إلى مركز حي الملك فهد التابع لجمعية البر بالأحساء ليطرح هذه المبادرة بين أيديهم والتي لقيت استحساناً وترحيباً كبيرا من قبل المركز. من حينها تم عمل إحصائية وقاعدة بيانات بالأطفال الذين يحتاجون للحليب الصناعي من عمر شهرين إلى سنتين وعن نوعية الحليب المستخدم فتم توفير الحليب العيني لهم والمتابعة في الصرف شهرياً. ولم يكتف بذلك فقط بل بالمتابعة لتغيير درجة الحليب كل ستة أشهر حسب نمو الطفل وإدراج الأطفال الجدد وإلغاء من تجاوز السنتين عبر قاعدة بيانات دقيقة وبرنامج خاص تم إعداده لهذا الغرض.
استمر المشروع بصمت من قبل الدكتور زكي بانطلاقته القوية من مركز حي الملك فهد بفضل الجهود الدؤوبة المتضافرة من العاملين عليه. وبعد بضعة أشهر انتشر ولقي نجاحاً باهراً وشارك عدد من إخوته وعائلته في دعمه معنوياً ومادياً وبعدها توسع الدعم من بعض الأصدقاء والزملاء مما شجع الدكتور على توسيع نطاقه ليشمل معظم الجمعيات والمراكز في الأحساء بتوفير الحليب لأكثر من 250 طفل - حتى تاريخ هذا المقال - بتكلفة تقدر ب 25 ألف ريال شهرياً. يهدف المشروع لتغطية جميع المراكز في الأحساء في مرحلته الأولى، ويؤمل القائمين عليه أن يلقى صدى أكبر وينتشر في جميع الجمعيات والمراكز في ربوع الوطن إيمانا منهم بأهمية التغذية الجيدة للأطفال لنمو عقولهم، فكما يقال العقل السليم في الجسم السليم، بالإضافة إلى تحسين المناعة لدى الأطفال وتقليل الالتهابات.
هذا المشروع الراقي يدل على الوعي ويتطلب وقفة المجتمع للاهتمام بصحة أطفالنا وتوفير الغذاء الصحي المناسب لهم. ولا يكفي أن تركز الجمعيات في مساعداتها على توفير الغذاء للكبير وتغفل عن الأطفال الرضع الذين قد يحرمون من أجل توفير تكلفة الحليب لأمور أخرى. وينوه الدكتور بأن الرضاعة الطبيعة هي الأفضل للأطفال وسيتم التركيز على زيادة الوعي والتشجيع على ذلك بالتعاون مع قسم توعية الرضاعة الطبيعية حتى لو تطلب الأمر الدعم في هذا الجانب بتوفير المواد الغذائية المناسبة للأمهات ضمن الأفكار والمبادرات التي تم طرحها من قبل البعض للدراسة والتقييم.