كربلاء.. المسؤولية
كربلاء ليست أرضا روت بدماء سيد الشهداء ، واهل بيته وأنصاره، في يوم عاشوراء.. فهي رسالة ثقيلة تحمل في طياتها مسؤولية ضخمة، ملقاة على عاتق الأمة الإسلامية، بل البشرية جمعاء.
الامام الحسين بنهضته الخالدة، في ارض الطفوف سطر ملحمة كبرى، في معاني المسؤولية، فالمبررات التي يسوقها البعض في التواكل على الاخرين، باتت غير مقنعة على الاطلاق، خصوصا وان كربلاء لم تترك مجالا للبعض، لالقاء المسؤولية على الطرف الاخر، بمعنى اخر، فان قلة الناصر ليست مدعاة للتخاذل، عن إظهار الموقف الثابت، لتصحيح المسار الخاطئ، ”إني زاحف بهذه الاسرة على قلة العدد وخذلان الناصر“.
مسؤولية الإصلاح، والوقوف امام المسار المعوج، الذي خطته الدول الأموية، شكلت ابرز أهداف ثورة كربلاء، اذ وجد الامام الحسين الإسلام يسير في طريق مغاير، للطريق الذي رسمه الرسول ﷺ، نظرا لاعتلاء كرسي الخلافة شخصية، تفتقر لأدنى مقومات القيادة، فضلا عن التجاهر بالفسوق وشرب الخمر، الامر الذي يفرض الوقوف بحزم، امام الانحراف الحاصل، في مسار الأمة الإسلامية، ”مثلي لا يبايع مثله ويزيد شارب الخمر وقاتل النفس المحترمة“، فهذه المواقف الصريحة، تكشف عن عمق الإحساس، بالمسؤولية لدى سيد الشهداء ، لإعادة الأمة الإسلامية، لجادة الطريق مجددا، بمعنى اخر، فان تخاذل الأمة عن القيام بواجبها تجاه، ممارسات الدولة الأموية، لا يعني السكوت، والرضوخ للامر الواقع.
درس المسؤولية يتجسد، في كل موقع بأرض الطفوف، فكل فصل من فصول كربلاء، يظهر صورة مشرقة، لحجم المسؤولية التي يتحلى بها سيد الشهداء ، واهل بيته وأصحابه، اذ لم يدخر الامام الحسين ، وسيلة من الوسائل في اسداء النصح، والارشاد للجيش الأموي، قبل بدء المواجهة العسكرية، من اجل القاء الحجة، وايقاظ بعض الضمائر الميتة، التي خرجت في سبيل الدنيا، حيث ركزت خطب سِبْط الرسول، على محاولة ردع الجيش الجرار، عن ارتكاب الجريمة، التي لم تشهد البشرية، مثيلا لها على الاطلاق، فقد ساهمت تلك الخطب في استفاقة، بعض الضمائر مثل الحر الرياحي، وغيره قبل المعركة.
ملحة كربلاء واصلت القيام بالمسؤولية الملقاة على عاتقها، فسقوط سيد الشهداء مضرجا بدمائه، في العاشر من محرم، نقل المسؤولية على عاتق الامام السجاد ، والسيدة زينب ، وبنات الرسالة، فقد تحمل ركب السبايا المسؤولية كاملة، في مواجهة التزييف الأموي، والخداع الذي مارسه بن زياد، في الكوفة كمحطة أولى، فور انتهاء معركة الطفوف، اذ قامت السيدة الحوراء ، بكشف الحقائق على الملأ، والوقوف امام صلف بن زياد، ومحاولته التفشي من البيت الهاشمي، بقتل سِبْط المصطفى، كما أدى الامام السجاد أدوارا جسيمة، سواء الكوفة او الشام، امام مجلس يزيد، الامر الذي دفعه للتعجيل، بإعادة الركب الهاشمي الى المدينة المنورة، خصوصا وان خطبة الامام زين العابدين في الشام، إماطة اللثام عن الاعلام الأموي، كون السبايا من الخوراج، مما أحدث ضجة في الشام، وخشي يزيد من انقلاب الامر عليه، جراء انكشاف زيف إعلامه المضلل.