أيام عاشوراء في الوطن
للحزن على قضية ما، ردات فعل إما إيجابية أو سلبية، فالإحساس والتفاعل مع الآخرين في قضاياهم وآلامهم تنتج من قلب يعتصره الألم؛ من يقوم بذلك من المؤكد أن هذا أمر إيجابي، بخلاف عندما يتحول الحزن الى تعطيل مسيرة الحياة وممارسة التصرفات الخارجة عن المألوف هذه نتيجة سلبية.
ماجرى على الإمام الحسين في معركة كربلاء، خلفت حزنا كبيرا تفاعلت الأمة لما جرى عليه من عظم المأساة، فلم تمر على الأمة مثلها حيث إن الحسين ابن بنت رسول الله، لذلك أصبحت قضيته دينية لها قدسيتها عند المسلمين عامة، وخصوصا الشيعة الذين يعتبرون عاشوراء جزءا من هويتهم في كل عام يحيونها بأكثر من طريقة، ويحافظون عليها ويتوارثونها جيل بعد جيل، ويسعون جاهدين لإبرازها بأفضل صورة.
قد تحصل ممارسات خارجة عن المألوف لكن السمة الأبرز هي الممارسات الايجابية، التي تُظهر تلك المناسبة سوى بالخطاب الديني والوعظي، أو بالفنون المتاحة كالتمثيل والرسم.
المواطنون الشيعة في القطيف والأحساء كثير ما يسعون لإظهار هذ المناسبة لغالبية الموطنين الذين يختلفون عنهم في المذهب وينعكس ذلك على سلوكهم الوطني إذ لم يكن تمذهبهم بمذهب أهل البيت مانعا لوطنيتهم وإخلاصهم لها، يعتقدون بشراكتهم في الحقوق والواجبات مع جميع المواطنين، يسعون في الإصلاح ويبادرون في التنمية، تجد ذلك ظاهرا في سلوكهم وتعاملاتهم الحياتية سواء على المستوى الوظيفي أو الدراسي.
في عاشوراء الحسين تلمس ذلك، إذ تجد الخطيب الحسيني أكثر ما يرشد الناس في الإصلاح المجتمعي والديني الذي إذا صلح انعكس ذلك على جميع شؤون الوطن، كما أن مواكبهم العزائية تتحول إلى مؤسسة مدنية تخدم في كثير من الأنشطة الاجتماعية والحسينيات التي تشارك الناس في أفراحهم واحزانهم، والمضايف التي تطعم الجميع دون النظر إلى مذاهبهم، أو مناطقهم، كل ذلك يصب في مصلحة الوطن التي هي من قيم وأهداف الحسين الاصلاحية، مع التحفظ على بعض السلوك السلبي عند ذلك الخطيب أو ذلك الرادود لكن المتتبع لما يجري في عاشوراء، يجد السمة الأبرز هي للممارسات الإيجابية التي تنبئ عن إخلاص القائمين عليها وتصب في خدمة القضية التي يعتبرونها الهوية الخاصة بهم.