آخر تحديث: 24 / 11 / 2024م - 8:09 ص

كربلاء.. الصدمة

محمد أحمد التاروتي *

أحدثت فاجعة كربلاء صدمة، في الضمير الإنساني الحر، فالمذبحة التي ارتكبها الجيش الأموي، بحق عِتْرَة ال الرسول ﷺ وأصحاب أبو الأحرار في يوم العاشر، من محرم الحرام، اصابت المجتمع الإسلامي بمقتل، بحيث ولدت ردود أفعال سريعة، على الصعيد الاجتماعي، والسياسي، الامر الذي انعكس على شكل ثورات عديدة، وحركات احتجاج في بعض المناطق الإسلامية، سواء داخل العراق، او الجزيرة العربية.

تفاصيل معركة كربلاء، أذهلت العقول في المجتمع الإسلامي، فالجيش الأموي لم يكتف بارتكاب الجريمة النكراء، بقتل سِبْط المصطفى ﷺ وذبح الرجال، بل عمد لاعمال السيف على رقاب الأطفال، الامر الذي يتناقض مع الأعراف العربية السائدة، فضلا عن المبادئ الإسلامية، كما ان الجيش الأموي قام بجريمة لا تقل فظاعة عن مجزرة ذبح الأطفال، من خلال قطع الرؤوس، وحملها على الرماح والسير بها في البلدان للوصول الى الشام، بالإضافة لذلك، فان الجيش الأموي عمد سلبي بنات رسول الله ﷺ، مما يشكل سابقة خطيرة في الإسلام، وبالتالي، فان الأحداث المأسوية التي واكبت معركة الطف، لعبت دورا حيويا في تحريك الدماء الجامدة، في جسم الإسلامية، الامر الذي سرع في قيام بعض الثورات للثأر لدماء سيد الشهداء ، على غرار ثورة التوابين، وغيرها من الثورات، التي قضت مضاجع الدولة الأموية.

الصدمة التي احدثتها معركة ألطف، خلقت واقعا جديدا في جسم الأمة الإسلامية، وساهمت في نسف مخطط الدولة الأموية، والهادف بالسير بالشعوب الإسلامية باتجاهات مختلفة، فالدولة الأموية وضعت مخططا خطيرا، يقوم على نسف العديد من الثوابت الدينية، فضلا عن فرض يزيد بن معاوية على رقاب المسلمين، بقوة السيف وسلاح المال، بيد ان صوت الامام الحسين الهادر، سواء قبل فاجعة الطفوف، او أثناءها شكل عنصرا قويا، في تقويض أركان تلك المخططات، الامر الذي أدى لانهار دولة ال ابي سفيان في سنوات قليلة، لتقوم على أنقاضها دولة ال مروان.

حركة كربلاء، تمثل الضمير الإنساني على مر العصور، فهي لم تتحرك لأغراض سياسية، او أهداف دنيوية، بقدر ما هدفت لتصحيح المسار المعوج، الذي رسمته الدولة الأموية، وبالتالي فان وقوف الامام الحسين ، في وجه تلك الحركة الخاطئة، احدث اثرا قويا، نظرا لما يمثله سِبْط المصطفى ﷺ، في ضمير الأمة الإسلامية، فسيد الشهداء لم يخف أهداف حركته المباركة، منذ الْيَوْمَ الأول، حيث قال ”إنما خرجت لطلب الإصلاح في أمة جدي“.

كربلاء مثلت الضمير الحي لجميع طلاب الحرية، ورفض الجور والظلم، حيث أعطت هذه الملحة الخالدة وقودا دائما، للجميع سواء في الحقب التي جاءت بعد عام 61 هجرية، او خلال العقود الحديثة، اذ ساهمت في وضع قواعد جديدة، للتعاطي مع النخب الحاكمة، الامر الذي دفع الكثير من الثورات، التي سجلها التاريخ الإسلامي، لاتخاذ ثورة كربلاء شعارا في تلك الحركات، سواء إبان الدولة الأموية او العباسية، مما يعني ان معركة عاشوراء، تشكل الهاما كبيرا لدى الشعوب الإسلامية.

كاتب صحفي